أخطار تواجه الأسرة المسلمة

أخطار تواجه الأسرة المسلمة

أخطار تواجه الأسرة المسلمة


أخطار داخلية وخارجية تواجه الأسرة المسلمة


حديثنا اليوم عن المخاطر التي تحيط بالأسرة المسلمة وسبل الوقاية منها، ولا شك أن هذه المخاطر منها ما نتسبب فيها لأنفسنا ومنها ما هو من كيد أعدائنا، ويندرج ضمن محاربتهم لعقيدتنا وأخلاقنا.

ولا يسوغ لنا دائماً أن نبرر أخطاءنا أو أن نحيلها على عدونا في أمور نعلم أن بإمكاننا علاجها والوقاية منها بقوة إرادتنا، كما لا يسوغ أن نستسلم لكيد أعدائنا، وننفذ عالمين أو جاهلين مخططات المكر والفساد التي يصدرونها لنا، ونحن أمة يفترض فينا أن نؤثر في الآخرين، ونزرع فيهم الخير بدل أن تكون بلاد المسلمين سوقاً تروج فيها البضاعة الكاسدة، أو تصدر إليها زبالات الأفكار ونتن الحضارات الفاسدة.

من هذه المخاطر الداخليةِ ضعف الدين وتضييع الأمانة، وإذا ضاع الإيمان فلا أمان، ولا دنيا لمن لم يحي دينا، وإذا كانت المرأة تنكح لعدة أغراض: لجمالها ولمالها ولحسبها ولدينها، فوصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: "فاظفر بذات الدين تربت يداك"، وحذر من المرأة السوء.

وقد يَنْبُت المرْعَى على دِمَنِ الثرى
             وتبقى حزازاتُ النفوس كما هيا

وضعف الدين وتضييع الأمانة، والإعراض عن ذكر الله خطر عظيم يهدد الأسر بالضياع، وتضيع معه التربية النافعة للأسرة من بنين وبنات، وتنسى الأهداف الجليلة لقيام الأسرة المسلمة، وهو سبب لحياة الضنك والشقاء سواء كان ذلك من قبل الرجال أو النساء قال -تعالى-: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾[طه:124].

منهج الإسلام في علاج تلك الأخطار وتوقِّيها


وتتحقق السعادة الأسرية بالإيمان وعمل الصالحات، ﴿ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾ [هود:65]، قال -تعالى-: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل:97]، وفي الخبر الصحيح: "قلب شاكر، ولسان ذاكر، وزوجة صالحة تعينك على أمر دينك ودنياك، خير ما اكتنز الناس".

وجوب الانتباه والتصدي للمؤامرة ضد المرأة المسلمة


إذا اجتمع إلى ضعف الدين توفر أسباب الفساد كان الخطر أعظم، والبلية آكد، فالمجلة الخليعة سهم طائش لهدم الأسر، والشريط الذي يحمل صوراً ماجنة أو يحتوي على ما يهدم الأخلاق ويدمر الفضيلة، والغناء الماجن الداعي إلى الخنا والرذيلة بكلمات مبتذلة له أثره على القلوب.

وتشكل صويحبات السوء خطراً تهدد الأسرة بالانهيار، وذلك بما تهديه من عطايا محرمة، أو تبثه من كلام مسموم، وإن بدا ظاهره النصح أو تبادل الهدايا، وسواء كان ذلك عبر صديقة العمل أو زميلة الدراسة أو مفسدة الغيبة أو النميمة أو قائلة السوء، أو عبر سماعة الهاتف فكل ذلك خطر لا بد من الحصانة منه.

كما يشكل الهاتف خطراً آخر حين يساء استخدامه وتضعف الرقابة عليه، وتترك الفرصة لأصحاب المعاكسات والمغازلات كيف شاءوا في الاستعمال السيئ للأجهزة الثابتة والنقالة عبر الاتصال والرسائل المسِفّة السيئة، وهي من أكبر عوامل هدم الأسرة المسلمة. فتنبهوا لهذا الخطر المحدق، وقوا أنفسكم وأبناءكم وبناتكم آثاره المدمرة.

ان خلاف الزوجين دون تبصر، وتحميل الأمور ما لا تحتمل، وتعظيم الصغائر، وتوسيع دائرة الشقاق، وإدخال أكثر من طرف في الخلاف، كُلُّ ذلك يهدم الأسر ولا يبنيها، ويعجل بانفراط عقدها وتشاحن أفرادها، والشديد ليس بالصرعة، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب، والحلم والصفح والعفو أخلاق كريمة دعا إليها القرآن وليست مؤشراً للضعف أو دليلاً على الهزيمة كما قد يوسوس بها الشيطان، ألا وإن خير الناس بطيء الغضب، سريع الفيء، وشرهم سريع الغضب، بطيء الفيء.

وبشكل عام؛ فإن شدَّةَ بعض الأزواج دون مُبرِّرٍ، أو عصيان بعض الزوجات وعدم قيامهن بحقوق الزوجية، كل ذلك يُفرِّق ولا يجمع، ويهدم ولا يبني، وتنساب الحياة الزوجية هادئة مطمئنة إذا عرف كل من الزوجين واجباته وحقوقه، فأدى ما عليه راضياً محتسباً، وترفَّقَ في طلب حقه صابراً مقتصداً، ففي هذا الجو المتآخي يعترف بالقوامة للرجل دون أن تمتهن المرأة أو تحتقر.

إن الإسلام الذي طلب من الرجل أن يحسن صحبة المرأة ويستوصي بها خيراً ويعاشرها بالمعروف هو الذي أمر المرأة أن تسمع له وتطيعه في حدود ما أحل الله، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولقد أكدت هذه القوامة في القرآن، وبالغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- في تشديد طاعة الزوجة زوجها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"، وفي حديث آخر: "والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها كله، حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه".

و يقال هذا عن أهمية قوامة الرجال على النساء وضرورة الطاعة بالمعروف؛ لأن غياب القوامة من الرجال وتفرد النساء بالأمر والنهي يحدث خللاً في البيوت وهو أحد المخاطر التي تهددها، والنساء ناقصات عقل ودين، وتحميلهن فوق طاقتهن ظلم لهن، وجناية على المجتمع من حولهن. ﴾ ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء:128].

دور وسائل الإعلام في الاسرة


ون المخاطر الداخلية التي تهدد الأسرة المسلمة إلى المخاطر الخارجية أحدثكم عن شيء من كيد الأعداء وسهامهم الطائشة التي تهدد كيان الأسرة بشكل عام، وإفساد المرأة المسلمة على الخصوص.

فمن وسائلهم في ذلك: وسائل الإعلام بكافة قنواتها إلا ما ندر، ويأتي البث المباشر والقنوات الفضائية في طليعتها، ومواقع الشبكة العنكبوتية -الإنترنت- وما فيها من مواقع إباحية منكرة، وبالله! كم هدمت هذه البرامج والمواقع المخربة من أسر! وكم حطمت من كيان! وكم سلخت من خُلق، ووارت من عفة وحياء! ولست أدري؛ كيف رضي البعض بإحضار العدو إلى عقر داره؟!.

فيها أيها المسلم والمسلمة: أيسركما أن يكون منزلكما يستقبل عبر الشاشة الزندقة والإلحاد، ويشاهد من خلالها الأفلام الداعرة والقنوات المتحللة الساقطة، وتعرض فيها المنكرات وصور العاهرات الفاجرات؟ أترضون ذلك لنفسيكما ومن تحت أيديكما من الذرية؟.

إنني أذكركم بالأمانة التي تحملتموها وأبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها، وأذكركم الله في المسئولية التي استرعاكم الله إياها، وسوف يسألكم عنها، وليس سراً أن يقال لكم: إن هذه البرامج المخربة مدعومة من أعدائكم لإفساد أخلاقكم وهدم عقيدتكم ودينكم الجليل.

عقد مؤتمر ضم أكثر من مائة دولة وحضره أكثر من ثمانية آلاف منصر، وكلف أكثر من إحدى وعشرين مليون دولاراً -أي انعقاده-، أتدرون لماذا؟ لدراسة كيفية الاستفادة من البث المباشر في تنصير العالم الإسلامي!.

وإذا كان هذا جهد النصارى فلا تسأل عن جهد اليهود وهم أرباب المال وأصحاب الإعلام، ولا تسأل عن النحل والملل والأيدلوجيات الفاسدة الأخرى، إنها المؤامرة على العالم والرهان على إفساد القيم والأخلاق للشعوب، وليس يلام الذئب في عدوانه، ولكن المأساة حين تغيب عقول المسلمين عن مخططات أعدائهم، أو تأسرهم الشهوات، ولو كانت على حساب العقائد والمبادئ.

أيها المسلمون: أما الخطر الخارجي الآخر على الأسرة المسلمة فهو تحديد النسل، هذا الداء الذي يسري فينا دون أن نتنبه له ويخطط له أعداؤنا ونحن في غفلة عنهم، ولربما بلغ بنا الأثر مبلغه فتصور بعضنا أن قلة الأولاد تحضُّر، وأن تحديد النسل أسلوب راقٍ، وتضيع في زحمة هذه الأفكار الدخيلة وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنا: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة".

ولربما أرهبنا الأعداء، أو وسوس إلينا الشيطان بصعوبة النفقة، أو خشينا الفقر مع كثرة الذرية، والله ينهانا عن ذلك، بل يقدم رزقهم على رزقنا، ويقول جل وعلا: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا﴾ [الإسراء:31].

إن كثرة المسلمين شبح مخيف للكافرين، وإن تحديد نسلهم وسيلة من وسائل القضاء عليهم سواء أكان بكثرة تعاطي الحبوب المانعة للحمل أو بوسائل وعمليات أخرى لا تزال تصدر إلى العالم الإسلامي، والمصيبة حين يسري هذا الداء في مجتمعات المسلمين وهم في غفلة عن كيد الكافرين.

وأسوق لكم شيئاً من مخططاتهم في هذا السبيل: عقدت هيئة اليونسكو مؤتمرها الثالث في سانفرنسيسكو بحضور مائة من المفكرين لبحث مشكلة التضخم الإنساني في الدول النامية للحد منه، وكان من بين المقترحات مقترح عجيب يقضي باستخدام مركبات منع الحمل في مياه الشرب والطعام.

وهذه جولدمائير رئيسة حكومة الكيان الصهيوني السابق تقول: تنتابني الهواجس ويجتاحني الذعر قبل نومي كل ليلة عندما أتخيل عدد الأطفال الفلسطينيين الذين سيولدون في اليوم التالي، فهل يستيقظ النائمون؟ وهل يرعوي المخدوعون؟ وهل يقتصد المروجون لأفكار الآخرين؟.

ومما يلفت النظر إلى أن هذه الأفكار والمخططات التي تروج في بلاد المسلمين يحذر منها الكافرون ويشجعون أسرهم على تزايد النسل، فقد أعلن البابا أن مستخدمي وسائل تحديد النسل آثمون، وأعلنت فرنسا عن مكافأة مالية للأسرة التي يزيد أفرادها عن ثلاثة، وإذا كان هذا شأن النصارى فاليهود لا يعترفون بتنظيم النسل ناهيك عن تحديده، بل إن الحاخامات يمنحون أبناء الزنا من غير اليهود الصفة اليهودية ويهتمون بهم، ويعتبر العقم عند اليهودي لعنة كبيرة.

وبالجملة؛ فكم يخسر المسلمون وهم يجهلون تعاليم دينهم وواقع عدوهم، ويجهلون فكر أعدائهم، وينفذون بسذاجة مخططاهم فيساهمون معهم في المؤامرة على المرأة المسلمة، ومنها: المؤتمرات المشبوهة والخروج منها بتوصيات فاجرة تهدم مقومات الأسرة المسلمة، ومنها: غزو الأفكار الوافدة وتغيير المفاهيم الصحيحة، فالحجاب الشرعي تخلف ورجعية، والاختلاط في ميادين الحياة تقدم وحضارة، وتعدد الزوجات ظلم للمرأة، وقرار المرأة في بيتها عودة بها إلى القرون المظلمة، وتصوير أن المرأة الفاجرة هي الأنموذج المحتذى؛ يُسخر بالدين، وتنحر الفضيلة والحياء على مرأى ومسمع من العقلاء، وإلى الله المشتكى، وهو وحده المستعان!.

أيها المسلمون: برغم ذلك كله فكيد الشيطان ضعيف، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، ولكن لا بد أن يصدق المسلمون مع ربهم، ويحاسبوا أنفسهم، ويبدءوا بإصلاح بيوتهم، فلا بد لهم منها، ثم يتناصحوا فيما بينهم، ويتواصوا بالحق والصبر على ما يصيبهم، حتى يصلح الله حالهم، أو يتوفاهم وهو راضٍ عنهم.

وصدق الله إذ يقول: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأنفال:53]، وصدق الله إذ يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ [الرعد:11].

المرجع :

لا تنس ذكر الله
الله أكبر
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية