كيف تحمي طفلك من إدمان الألعاب الإلكترونية

كيف تحمي طفلك من إدمان الألعاب الإلكترونية

كيف تحمي طفلك من إدمان الألعاب الإلكترونية


مع التطور التكنولوجي المتسارع، والانفتاح الإعلامي الرهيب الذي نشهده اليوم؛ حيث أصبح الطفل الصغير يمتلك هاتفًا محمولًا خاصًّا به، يستطيع من خلاله تصفح كافة المواقع الإلكترونية التي يريدها، وتنزيل جميع الألعاب الإلكترونية التي يرغب باللعب بها، ومتابعة كل من يستخدم هذه الألعاب والتواصل معهم، وتبادل المعلومات والحديث مع الغرباء الذين لا يعرفهم أو يعلم نياتهم وحقيقتهم؛ ففتح أبوابًا كثيرة أمام الأطفال، وسهل أمورًا كانت صعبة قبل هذه الأزمنة، وهذا بحدِّ ذاته لا يشكِّل أيَّ مشكلة، ولكن المشكلة تكمُنُ في ظل غياب الرقابة على هذه الأجهزة والألعاب التي يلعبها الأبناء، وعدم متابعة المواقع التي يزورونها لمعرفة هل تصب في مصلحة الطفل أو العكس، وترك الحبل على الغارب دون رقيب أو توجيه من الآباء؛ بسبب انشغالهم وبُعْدِهم عن الأبناء، فتحولت هذه الأجهزه الصغيرة في أيدي أطفالنا قنبلةً موقوتة خطيرة الانفجار، قد تتسبب لهم بآثار اجتماعية ونفسية وعقلية خطيرة جدًّا على المدى البعيد، إذا لم نتدارك الأمر، ونقف على الداء، ونبحث عن حلول قبل أن يصل أبناؤنا إلى مرحلة الإدمان التي يصعب معالجتها فيما بعد، فهذه الألعاب لم تَعُدْ للتسلية أو الترويح عن النفس، بل أصبحت أسلحة موجَّهة بعناية دقيقة لإفساد أبنائنا، تقف وراءها منظمات عالمية مشبوهة، ودول كبرى معروفة، ونوادٍ لها توجُّهات فكرية خطيرة، والهدف منها تغيير سلوكيات الأبناء، وتوجيه تفكيرهم، ونظرتهم للحياة وبناء المجتمعات بناءً يتوافق مع مبادئهم وقِيَمِهم التي يسْعَون لنشرها؛ بحيث تتماشى مع أهدافهم وخططهم الشيطانية المدمِّرة للأسرة والناشئة، والسيطرة على العالم وتدميره، ومع انتشار هذه الألعاب بدأت بوادر ظهور أجيال يعانون من أمراض نفسية وعقلية مختلفة، ويتصرفون بعدوانية شديدة، ويمارسون سلوكياتٍ غريبة لم تكن موجودة من قبل في مجتمعاتنا، ولا تتناسب مع ديننا الحنيف، فتارة يعرضون عليهم مشاهد إباحية أو سلوكيات منحرفة، ومشاهد فظيعة تدعو إلى العنف والقتل؛ فيصبح الطفل تابعًا لهم منعزلًا عن محيطه وعائلته؛ ومن ثَمَّ يسهل السيطرة عليه، وغرس الأفكار الهدَّامة في نفسه، وهل يأكل الذئب إلا من الغنم القاصية؛ لذا لا بد أن نتدارك الأمر، ونقف في وجه هذه المشكلة التي باتت تؤرِّق الآباء، وتسبِّب لهم قلقًا مُفزِعًا لما يسمعون عن خطرها، وشدة تأثيرها على الأبناء.


ومن الوسائلَ التي يمكنها أن تساعدنا في مواجهة هذه الظاهرة، والحد من أثرها على أبنائنا، نذكر لكم :


استشعار المشكلة:


فإذا استشعر أولياء الأمور أن هناك مشكلة، قادهم ذلك إلى البحث عن أسبابها وحلولها، والذي أراه أن أغلب أولياء الأمور لا يرى في إعطاء هاتفه للطفل الصغير، واللعب بألعاب قد لا تناسب عمره - أيَّ بأس، وهذا في حقيقة الأمر مشكلة؛ إذ كيف يبحث عن حلٍّ مَن لا يرى هناك مشكلة أصلاً، ولن يكون هناك استشعار لهذه المشكلة إذا لم يكن هناك توعية للآباء بحقيقة هذه الألعاب وخطرها، واطِّلاعهم على البحوث التي تُنشر، والمقالات التي تُكتب لبيان ذلك الأمر، وهذا يقع على عاتق الحكومات، ودور التعليم، والمربين والمصلحين جميعًا، فتضافر الجهود وتكاتف الجميع لمحاربة هذه الألعاب الدخيلة المفسدة أمرٌ مهمٌّ، ومقصد نبيل، ويكون ذلك بإقامة الندوات لتوعية الآباء والأمهات، ونشر الدراسات والبحوث التي تحذر من ذلك في المجلات والجرائد والقنوات المتلفزة، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة؛ لرفع الوعي، وتنبيه الخامل، وتعليم الجاهل بها.


مشاركة الأبناء في ألعابهم التي يلعبون بها:


فهذه الثقافة شبه منعدمة في مجتمعاتنا العربية؛ وذلك للظن السائد وهو أن مشاركة الأبناء اللعِبَ لا يتناسب مع مكانة الأب ومنزلته، وهذا من الخطأ الذي صحَّحه لنا نبينا عليه الصلاة والسلام؛ فهو قدوتنا، وقد كان عليه الصلاة والسلام يشارك الأبناء اللعب، وهو من هو صلى الله عليه وسلم، و((عندما جاءه الأقرع بن حابس ورآه يُقبِّل الحسن والحسين ويلعب معهم، فقال: تقبِّلون أبناءكم؟ إن لي عشرة من الأبناء ما قبَّلت واحدًا منهم، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: وماذا أصنع لو نزع الله الرحمة من قلبك؟)).

فاللعب مع الأبناء ومشاركتهم هديٌ نبويٌّ رفيع، وأسلوب تربوي ناحج في كسب الأبناء، وكسر الحواجز معهم، ولو نظرنا إلى مجتمعات الغرب، لوجدنا أن الآباء يتشاركون مع أبنائهم في كل شيء، حتى في الألعاب التي يمارسها الأبناء، وهذا مما يحبِّب الأبناء إلى الآباء؛ فيكون الأب بمثابة الصديق لابنه؛ ومن ثَمَّ تقوى العلاقة وتترسخ الصلة بين الأبناء والآباء.


عدم إعطاء الطفل تليفونًا خاصًّا به:


وإنما يكون هناك هاتف عامٌّ يتشارك فيه الجميع، أو هاتف الأب، أو الأم، بحيث إذا احتاج الابن للعب، فإنه يُعطى تليفون الأم أو الأب؛ ومن ثَمَّ يكون أكثر حرصًا على عدم الدخول إلى مواقع مسيئة، أو تصفُّحِ أمور مُخِلَّةٍ مثلًا، وهذا الأمر مهم جدًّا أن يتنبَّهَ إليه الآباء؛ فهو يجعل الأبناء أكثر حرصًا على انتقاء ما ينفعهم، ويكون الأمر مكشوفًا واضحًا للآباء، فلا يفكر في أمر قد يكون فيه ضرر أو رَيْبٌ، ويسهُل على الآباء معرفة الألعاب والمواقع التي يتردد عليها الأبناء وحصرها، ثم يأتي دور التعزيز له إن كانت نافعة، أو النصح له إن كانت لا تناسبه، أو تسبِّب الضرر له.


ملء أوقات الفراغ للطفل بأمور هادفة وأعمال مُحبَّبة:


فأغلب الأطفال عندما لا يجد عملًا يشغله، أو هواية يمارسها، ويجد وقتَ فراغٍ في حياته - فإنه يحاول ملء هذا الفراغ عن طريق هذه الألعاب الإلكترونية، والدخول للعالم الافتراضي، وهنا يأتي دور الآباء في تنويع الأنشطة المُقدَّمة للطفل، وإدخال برامج حركية وأنشطة عملية، تساهم في تنمية جوانب الإبداع عند الأطفال، وقد يكون الخروج معًا لممارسة بعض الهوايات أو التنزُّه في إحدى الحدائق، أو زيارة الأهل والأقارب، أو التسوق وشراء حاجيات المنزل؛ بحيث يشعر الطفل بأهميته وأنه أحد الأفراد المؤثرين في الأسرة - أمرًا قد يساهم في إبعاد الأبناء عن مثل هذه الألعاب الإلكترونية، ولو لوقت قصير، والمتأمل يدرك أن أطفال القرى النائية والبلدان البعيدة يكونون أقوى شخصية، وأكثر انفتاحًا على الآخر، وأكثر ذكاء من أبناء المدن؛ وما ذلك إلا لبُعْدِهم عن هذه الشاشات التي تُعلِّم الطفل التَّبَلُّدَ والانزواء، وتفرض عليه نمطًا معينًا في الجلوس والحياة، وكأنه في صندوق لا يستطيع مغادرته، أو الحركة خارج الإطار المرسوم له.


أن يكون لدى الآباء ثقافة عامة في هذه الأجهزة:


فإذا وجدوا لعبة في هاتف الطفل يُفضَّل أن يقرؤوا عنها، ويبحثوا في محركات البحث أو المنصات التربوية التي تُعنَى بدراسة هذه الألعاب، وبيان خطرها وسلبياتها على الأطفال، ومن هذه المنصات الرائدة التي اطَّلعتُ عليها: منصة (قيِّم) التابعة لمسك الخيرية، والتي تُعِدُّ دراساتٍ تربوية على الألعاب الإلكترونية، وتُقيِّمها وفق معاييرَ تربويةٍ من حيث إيجابياتها، والسلبيات التي تنطوي عليها، وما هي الأعمار المناسبة لممارستها، ويستطيع ولي الأمر أن يستفسر عن لعبة ما، أو يرسل هذه اللعبة لهم، وهم يُخضِعونها للدراسة والتحليل، ويوافونه بالنتائج، فهذا جهدٌ يُشكرون عليه؛ حيث سهَّل على الآباء كثيرًا من التعب، واختصر عليهم مزيدًا من البحث والتنقيب.


تحديد أوقات استخدام الأجهزة الالكترونيه:


لا بد لهذا التنظيم أن يحتويَ على جميع الجوانب التي يحتاجها الطفل؛ من حيث الحركة البدنية، والجلوس مع الأطفال الآخرين، والنقاش في المواضيع التي تهم الأسرة؛ ومن ثَمَّ ينشأ الطفل نشأة سليمة، وليس هناك مانع من السماح للطفل في اللعب في الألعاب النافعة التي تنمِّي المهارات، وتُعلِّم الأطفال طرق التفكير الإيجابي، والنقاش المثمر، وترفع الوعي لدى الأطفال، ولكن بشرط أن يتم ذلك تحت إشراف الآباء ورقابتهم؛ حتى تتحقق الفائدة والمتعة من هذه الألعاب.


البحث عن البدائل:


وهذه من علامات الإنسان الإيجابي أنه لا يقف متفرجًا أو عاجزًا يشكو حظَّهُ، وينْدُبُ زمانه، ويتهم هذا الجيل بالفشل والضياع، وإنما يبحث وينقب عن بدائلَ توصِّل إلى أهدافه، وتحقق طموحه، فبعض الألعاب قد يكون فيها كثير من المشاهد العنيفة، أو المقاطع المخلة، فيُنهَى الابن عن اللعب بها، وينطلق يبحث عن لعبة قد يكون لها نفس الطابع أو نفس الهدف من الأولى، ولكنها تخلو من هذه المشاكل والسلبيات التي في سابقتها، وهذا أمرٌ جُرِّب من بعض الإخوة ونجح والحمد لله، فلا يقف الآباء عاجزين مكبَّلي الأيدي أمام طفل صغير يُصِرُّ على لعبة يريد أن يلعبها، ويمارس على الآباء أسلوب الضغط النفسي بكثره الصراخ أو البكاء؛ ليُجْبِرَهم على إعطاءه ما يريد، ولينزلوا عند رغبته؛ ومن ثَمَّ يسقط الجميع في نظره، وإنما نبحث ونحاول ونناقش، حتى نصل إلى نتيجة معينة يرضى بها الطرفان، فيعلم الطفل أن أسلوب النقاش والحوار هو الأسلوب الذي يحقق له ما يريد؛ فيكون كثيرَ النقاش، إذا أراد شيئًا طلبه بأسلوب راقٍ وحوار هادئ، بل إنه في حالات كثيرة إذا وجد لعبة يذهب إلى أحد أبويه، ويسأله عن رأيه بهذه اللعبة، فيشرح مميزاتها وإيجابياتها، وبهذا الأسلوب يكون الآباء قد نمُّوا جوانب كثيرة في الطفل، وعلَّموه قيمًا رائعة يواجه بها ما يراه أو يسمعه.


متابعة بعض المختصين في التكنولوجيا:


متابعة بعض المختصين في التكنولوجيا على مواقع التواصل الاجتماعي، ممن يعرض خفايا التقنية للآباء، ويحاول تثقيف أولياء الأمور بأهم البرامج والتقنيات التي تحافظ على الأبناء عند تصفحهم هذه المواقع، أو ممارسة هذه الألعاب على الأجهزة الذكية؛ فاليوم ومع انتشار البرامج والتطبيقات التي تحمي الأبناء من خطر هذه الألعاب، وتُقلِّل من أضرارها - لم يَعُدِ للآباء عذرٌ يمنعهم من استعمالها، أو محاولة تسخيرها في رقابتهم على هذه الألعاب والمواقع المختلفة.


المصدر :
لا تنس ذكر الله
أستغفر الله
0 / 100

إقرأ المزيد :



عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية