عدة المطلقة

عدة المطلقة

عدّة المطلقة


معنى العدة


العِدَة هي تربّص محدود شرعاً ، بسبب فرقة نكاحٍ وما أُلحق به كوطءِ الشبهةِ .و الاستبراء شرعاً هو تربّص يُقصد به العلم ببراءة الرحم .

حكم عدة المطلقة


العدّة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع ، لقوله تعالى : ﴿وَالمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُروءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكتُمنَ ما خَلَقَ اللَّهُ في أَرحامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤمِنَّ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَبُعولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ في ذلِكَ إِن أَرادوا إِصلاحًا وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذي عَلَيهِنَّ بِالمَعروفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾ [البقرة: ٢٢٨]

وقال أهل العلم : وهذا خبرٌ بمعنى الأمر ، وإنّما جاء بصيغة الخبر لإقراره وتثبيته ، كأنّه أمرٌ مفروغٌ منه ، ومن السنّة أمره ﷺ لفاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت أمّ شريك ، والأحاديث في الباب كثيرة ، وقد أجمعت الأمّة على وجوب العِدّة في الجملة على المرأة التي فارقها زوجها وإن كانوا يختلفون في بعض التفاصيل .

الحكمة من مشروعية العِدّة


معرفة براءة الرحم حتى لا تختلط الأنساب ، وإمهال الزّوج مدّة يتمكن فيها من مراجعة مطلقته بعد أن يتريث في أمرها ، وتعظيم شأن عقد الزّواج وأنّه ليس كباقي العقود ، وهذا قول جمهور أهل العلم ، ويرى ابن حزمٍ ومن وافقه أنّ العِدّة من الأمور التّعبدية التي يُعمل بها ولا تُلتمس لها الحكمة ، وقد ردّ هذا ابن القيّم وبيّن أنّ العِدّة ليست من العبادات المحضةِ بل فيها من المصالح من رعاية حقّ الزّوجين والنّكاح والولد ما هو واضحٌ لمن تأمّله .

على من تجب عدة الطلاق


  1. العِدّة واجبة في كل نكاحٍ غير باطلٍ ، ويُشترط للعِدّة في الحياة أن يحصل وطء ، أو خلوة ممّن يُولد لمثله بمثله على الراجح من أقوال أهل العلم ، ويُشترط في الخلوة أن يكون عالماً بها ، قادراً على الوطء ، ولو لم تكن مطاوعةً .

  2. العِدّة واجبة في كل امرأةٍ فارقت زوجاً خلا بها وإن لم تكن مطاوعةً على الراجح من أقوال أهل العلم ، مع علمه بها وقدرته على وطئها ولو مع ما يمنعه منهما حساً أو شرعاً مجبوباً كان أو رتقاء .

  3. العِدّة واجبة على المرأة إذا تحمّلت بماء الزوج بأن استُدخل ماؤه في رحمها فإن حملت منه فإن عِدّتها تنتهي بوضع الحمل ولو لم يمسّها .

  4. لا تجب العٍدّة في النّكاح الباطل ، وهو الذي لا خلاف بين الفقهاء في بطلانه ، وإنّما يجب الاستبراء بحيضةٍ واحدةٍ ، وكذا لا تجب في النّكاح الفاسد وهو النّكاح المختلف فيه بين الفقهاء ، وإنّما يجب الاستبراء بحيضةٍ واحدةٍ وهو الراجح من أقوال العلم و اختيار شيخ الإسلام .

  5. لا تجب العدة على من فارقها الرجل قبل الوطء والخلوة ، لقوله تعالى : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا نَكَحتُمُ المُؤمِناتِ ثُمَّ طَلَّقتُموهُنَّ مِن قَبلِ أَن تَمَسّوهُنَّ فَما لَكُم عَلَيهِنَّ مِن عِدَّةٍ تَعتَدّونَها فَمَتِّعوهُنَّ وَسَرِّحوهُنَّ سَراحًا جَميلًا﴾ [الأحزاب: ٤٩] وإذا خلا بها وجبت العِدّة على الرّاجح من أقوال أهل العلم ، وهو المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم ، وهو كالإجماع منهم على ذلك ، فيما ذُكِر.
    وهو مذهب أحمد وأبي حنيفة والشافعي في القديم ورواية عن مالك.
    قال القرطبي رحمه الله في تفسيره :
    "وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَخْلُو بِالْمَرْأَةِ ، وَلَمْ يُجَامِعْهَا حَتَّى فَارَقَهَا :
    فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَمَالِكٌ: عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ".

  6. المطلقة ثلاثاً تعتد بثلاث حِيضٍ وهو قول عامّة أهل العلم ، خلافاً لما ذهب إليه شيخُ الإسلام وعلق القول به على عدم مخالفة الإجماع.

خروج المرأة من العدة


إذا وضعت المرأة ما تبيّن فيه خلق إنسانٍ فقد خرجت من العِدّة ، وحلّت للأزواج ولو لم يكن تاماً ، قال النووي : " قال العلماء من أصحابنا وغيرهم : "سواء كان حملها ولداً أو أكثر ، كامل الخلقة أو ناقصها أو علقة أو مضغة سواء كانت صورةً خفيّة تختص النساء بمعرفتها أم جليّة يعرفها كل أحدٍ ، ودليله إطلاقه لسبيعة بالتحلل من غير سؤال عن صفةِ حملها ، وقال ابن المنذر : "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أنّ عِدّة المرأة تنقضي بالسقط إذا عُلم أنّه وَلَد "، وذهب ابن دقيق العيد إلى أنّها لا تخرج من العِدّة إلا بالحمل التام المتخلق ؛ لأنّ هذا هو الغالب ، ووضع العلقة والمضغة نادر ، ولا ينبغي حمل الحكم على النادر والراجح القول الأول

يُباح لمن وضعت حملها أن تتزوج ، ويُعقد عليها ، وإن لم تطهر من نفاسها ، قال الحافظ عند شرحه لحديث سبيعة الأسلمية : "يجوز العقد عليها إذا وضعت ولو لم تطهر من دم النفاس وبه قال الجمهور " ، وكره ذلك الحسن البصري والشعبي ، والراجح قول الجمهور ولكن لا يطؤها زوجها الذي عقد عليها إلّا بعد أن تطهر وتغتسل من النّفاس .

أحكام على المطلقة الرجعية


  • إذا مات زوج المطلقة الرجعيّة أثناء العِدّة سقطت عِدّة الطّلاق وابتدأت عِدّة الوفاة منذ مات فإنّ المطلقة الرّجعية زوجة ، قال القرطبي : " أجمع العلماء على أنّ من طلق زوجته طلاقاً يملك رجعتها ، ثمّ توفي عنها قبل انقضاء العِدّة ، أنّ عليها عِدّة وفاةٍ وترثه".

  • المطلقة الرجعية تمكث في بيت الزوجية مع زوجها لقوله تعالى : "لَا تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُیُوتِهِنَّ وَلَا یَخۡرُجۡنَ إِلَّاۤ أَن یَأۡتِینَ بِفَـٰحِشَةࣲ مُّبَیِّنَةࣲۚ "، ولها أن تتزين لزوجها لعل الله يخلق في قلبه رجعتها.

  • المطلقة الرجعية لها السكنى والنّفقة طول مدة العدة ، وأمّا المطلقة البائن فلا نفقة لها ولا سكنى إلا أن تكون حاملاً فتجب النّفقة لأجل الحمل لحديث فاطمة بنت قيس


عدة الصغيرة التي لم تحض والآيسة


عدّة المطلقة الصغيرة التي لم تحض وكذا الآيسة التي انقطع حيضها ثلاثة أشهرٍ والدليل قوله تعالى : ﴿وَاللّائي يَئِسنَ مِنَ المَحيضِ مِن نِسائِكُم إِنِ ارتَبتُم فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشهُرٍ وَاللّائي لَم يَحِضنَ وَأُولاتُ الأَحمالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعنَ حَملَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَهُ مِن أَمرِهِ يُسرًا﴾ [الطلاق: ٤]

حالات استثنائية


من ارتفع حيضها ولم تدرِ ما سببه فعِدّتها سنة تسعة أشهر للحمل ، وثلاثة أشهر للعِدّة وهو قضاء عمر ولم يُنكر عليه أحدٌ من الصحابة هذا من حيث الاستدلال بالأثر ، أمّا من حيث النّظر فلاحتمال أنّها حامل فتعتد تسعة أشهر لأنّ ذلك غالب الحمل ، ولاحتمال أنّها آيسة تعتد بثلاثة أشهرٍ لأنّ عِدّة الآيسة التي لم تحض ثلاثة أشهرٍ فتعتد اثني عشر شهراً من فراق زوجها لها وهذا من باب الاحتياط .
وإذا عاد الحيض قبل تمام السنّة اعتدت به ، وإن تمت السنّة لم تلتفت إليه ، ولو عاد إليها ؛ لأنّ العِدّة انتهت وبانت من زوجها.

المستحاضة المبتدأة : هي التي من أول ما جاءها الدم استمرّ بها لأنّها ليست لها عادة سابقة فتعتد بثلاثةِ أشهرٍ .

المستحاضة الناسية التي ليس لها تمييز عدتها ثلاثة أشهر ، والمستحاضة الناسية التي لها تمييز تجلس ثلاثة قروء لأنّ لها حيضاً صحيحاً.

من مات زوجها الغائب ، أو طلقها اعتدت منذ الفرقة وإن لم تعلم إلّا بعد موته بزمانٍ أو بعد طلاقه بزمانٍ ، وهي يصدق عليها أنّها مطلقة من حين فارقها ، وكذلك من لم تعلم بوفاة زوجها إلّا بعد انتهاء العِدّة فقد انتهت عدتها ولم تحدّ لفوات وقت الإحداد ، قال ابن عبد البرّ : "أجمعوا على أنّ كل معتدّةٍ من طلاقٍ أو وفاةٍ تحسب عدتها من ساعةِ طلاقها أو وفاةِ زوجها" ، وذهب ابن حزمٍ إلى أنّ العدة تبدأ من حين بلوغ الخبر إليها ، والرّاجح قول عامّة أهل العلم.

لا تنس ذكر الله
سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده
0 / 100

إقرأ المزيد :



عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية