قصة آدم عليه السلام

قصة آدم عليه السلام

آدم عليه السلام


قصة سيدنا آدم وزوجته حواء


أخبر الله عز وجل ملائكته بخلق آدم -عليه السلام- فقال تعالى: ﴿وَإِذ قالَ رَبُّكَ لِلمَلائِكَةِ إِنّي جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَليفَةً ...َ﴾ [البقرة: ٣٠]

فسألت الملائكة الله عز وجل واستفسرت عن حكمة خلق بني الإنسان، وقد علمت الملائكة أن من الخلق من يفسد في الأرض، ويسفك الدماء، فإن كانت الحكمة من خلقهم هي عبادة الله، فهم يعبدونه، فقالوا لله: ﴿... أَتَجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها وَيَسفِكُ الدِّماءَ وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ...﴾ [البقرة: ٣٠]

فأجابهم الله عز وجل عن استفسارهم بأنه -سبحانه- يعلم الحكمة التي تخفى عليهم، فإنه -سبحانه- سيخلق بني البشر ويجعل فيهم الرسل والأنبياء والصديقين والصالحين والشهداء، والعلماء والعاملين لدين الله، والمحبين له، المتبعين رسله، قال تعالى: ﴿....قالَ إِنّي أَعلَمُ ما لا تَعلَمونَ﴾ [البقرة: ٣٠]

وخلق الله سبحانه وتعالى آدم من تراب الأرض ومائها، ثم صوَّره في أحسن صورة ثم نفخ فيه الروح، فإذا هو إنسان حي من لحم ودم وعظم، وكان ذلك يوم الجمعة، قال النبي ﷺ : «خيرُ يومٍ طلعَتْ عليهِ الشمسُ يومُ الجمعَةِ فيهِ خُلِقَ آدَمُ ، وفِيهِ أُدْخِلَ الجنَّةَ ، وفيهِ أُخْرِجَ منهَا ، ولا تَقُومُ الساعةُ إلا في يومِ الجمعَةِ». متفق عليه

وقال ﷺ: « إنَّ اللهَ تعالى خلق آدمَ من قبضةٍ قبضها من جميعِ الأرضِ فجاء بنو آدمَ على قَدْرِ الأرضِ فجاء منهم الأحمرُ والأبيضُ والأسودُ وبينَ ذلكَ والسَّهْلُ وَالْحَزْنُ والخبيثُ والطيبُ». صحيح

ولما صار آدم حيًّا، ودبَّت فيه الحركة علمه الله سبحانه وتعالى أسماء كل شيء ومسمياته وطرائق استعماله والتعامل معه من الملائكة والطيور والحيوانات وغير ذلك، قال تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسماءَ كُلَّها ...﴾ [البقرة: ٣١]

وأراد الله عز وجل أن يبين للملائكة الكرام فضل آدم ومكانته عنده، فعرض جميع الأشياء التي علمها لآدم على الملائكة، وقال لهم: ﴿... أَنبِئوني بِأَسماءِ هؤُلاءِ إِن كُنتُم صادِقينَ﴾ [البقرة: ٣١]

فقالوا: ﴿قالوا سُبحانَكَ لا عِلمَ لَنا إِلّا ما عَلَّمتَنا إِنَّكَ أَنتَ العَليمُ الحَكيمُ﴾ [البقرة: ٣٢]

فأمر الله آدم أن يخبرهم بأسماء هذه الأشياء التي عجزوا عن إدراكها، فأخذ آدم يذكر اسم كل شيء يعرض عليه، وعند ذلك قال الله سبحانه وتعالى للملائكة: ﴿... أَلَم أَقُل لَكُم إِنّي أَعلَمُ غَيبَ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَأَعلَمُ ما تُبدونَ وَما كُنتُم تَكتُمونَ﴾ [البقرة: ٣٣]

ودار حوار بين آدم عليه السلام والملائكة حكاه لنا رسول الله ﷺ فقال: « خلق اللهُ آدمَ على صورتِه ، طولُه ستونَ ذراعًا ، فلما خلقه قال : اذهبْ فسلِّمْ على أولئكَ ، نفرٍ من الملائكةِ ، جلوسٍ ، فاستمعْ ما يُحيُّونك ، فإنها تحيتُك وتحيَّةُ ذريتِك ، فقال : السلامُ عليكم ، فقالوا : السلامُ عليك ورحمةُ اللهِ ، فزادوه : ورحمةُ اللهِ ، فكلُّ من يدخلُ الجنةَ على صورةِ آدمَ ، فلم يزلْ الخلقُ ينقصُ بعدُ حتى الآنَ». متفق عليه

وأمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم تشريفاً وتعظيماً له فسجدوا جميعًا، ولكن إبليس رفض أن يسجد، وتكبر على أمر ربه، فسأله الله عز وجل وهو أعلم: ﴿قالَ يا إِبليسُ ما مَنَعَكَ أَن تَسجُدَ لِما خَلَقتُ بِيَدَيَّ أَستَكبَرتَ أَم كُنتَ مِنَ العالينَ﴾ [ص: ٧٥]

فَرَدَّ إبليس في غرور: ﴿قالَ أَنا خَيرٌ مِنهُ خَلَقتَني مِن نارٍ وَخَلَقتَهُ مِن طينٍ﴾ [ص: ٧٦]

فطرده الله عز وجل من رحمته وجعله طريدًا ملعونًا، قال تعالى: ﴿قالَ فَاخرُج مِنها فَإِنَّكَ رَجيمٌ۝وَإِنَّ عَلَيكَ لَعنَتي إِلى يَومِ الدّينِ﴾ [ص: ٧٧-٧٨]

فازداد إبليس كراهية لآدم وذريته، وحلف بالله أن يزين لهم الشر، فقال إبليس: ﴿قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغوِيَنَّهُم أَجمَعينَ۝إِلّا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخلَصينَ﴾ [ص: ٨٢-٨٣]

فقال الله سبحانه وتعالى له: ﴿لَأَملَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنهُم أَجمَعينَ﴾ [ص: ٨٥]

وذات يوم نام آدم عليه السلام فلما استيقظ وجد امرأة تجلس إلى جانبه فسألها: من أنتِ؟ قالت: امرأة، قال: ولِمَ خُلِقْتِ؟ قالت: لتسكن إليَّ، ففرح بها آدم وأطلق عليها اسم حواء؛ لأنها خلقت من شيء حي، وهو ضلع آدم الأيسر.

وأمر الله سبحانه وتعالى آدم وزوجته حواء أن يسكنا الجنة، ويأكلا من ثمارها ويبتعدا عن شجرة معينة، فلا يأكلان منها؛ امتحانًا واختبارًا لهما، فقال تعالى: ﴿وَقُلنا يا آدَمُ اسكُن أَنتَ وَزَوجُكَ الجَنَّةَ وَكُلا مِنها رَغَدًا حَيثُ شِئتُما وَلا تَقرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكونا مِنَ الظّالِمينَ﴾ [البقرة: ٣٥]

وحذَّر الله سبحانه وتعالى آدم وزوجه تحذيرًا شديدًا من إبليس وعداوته لهما، فقال تعالى: ﴿فَقُلنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوجِكَ فَلا يُخرِجَنَّكُما مِنَ الجَنَّةِ فَتَشقى۝إِنَّ لَكَ أَلّا تَجوعَ فيها وَلا تَعرى۝وَأَنَّكَ لا تَظمَأُ فيها وَلا تَضحى﴾ [طه: ١١٧-١١٩]

وأخذ إبليس يفكر في إغواء آدم وحواء، فوضع خطته الشيطانية؛ ليخدعهما فذهب إليهما، وقال: ﴿... يا آدَمُ هَل أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الخُلدِ وَمُلكٍ لا يَبلى﴾ [طه: ١٢٠]

فَصَدَّق آدم وحواء كلام إبليس بعد أن أقسم لهما، ظنًّا منهما أنه لا يمكن لأحد أن يحلف بالله كذبًا، وذهب آدم وحواء إلى الشجرة وأكلا منها.. وعندئذ حدثت المفاجأة؟‍‍!!

لقد فوجئ آدم وحواء بشيء عجيب وغريب، لقد أصبحا عريانين؛ بسبب عصيانهما، وأصابهما الخجل والحزن الشديد من حالهما، فأخذا يجريان نحو الأشجار، وأخذ يقطعان من أوراقها ويستران بها جسديهما، فخاطب الله عز وجل آدم وحواء معاتبًا: ﴿...أَلَم أَنهَكُما عَن تِلكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَكُما إِنَّ الشَّيطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبينٌ﴾ [الأعراف: ٢٢]

فندم آدم وحواء ندمًا شديدًا على معصية الله ومخالفة أمره وتوجها إليه سبحانه بالتوبة والاستغفار، فقالا: ﴿قُل مَن حَرَّمَ زينَةَ اللَّهِ الَّتي أَخرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزقِ قُل هِيَ لِلَّذينَ آمَنوا فِي الحَياةِ الدُّنيا خالِصَةً يَومَ القِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمونَ﴾ [الأعراف: ٣٢]

وبعد الندم والاستغفار، قبل الله توبتهما ودعاءهما، وأمرهما بالهبوط إلى الأرض والعيش عليها.
وعاش آدم وحواء على الأرض، وبدءا مسيرة الحياة عليها.. ووُلد لآدم وهو على الأرض أولاد كثيرون، فكان يؤدبهم ويربيهم، ويرشدهم إلى أن الحياة على الأرض امتحان للإنسان وابتلاء له، وأن عليهم أن يتمسكوا بهدى الله، وأن يحذروا من الشيطان ومن وساوسه الضَّارة.

قصة ابني آدم


حكى لنا القرآن الكريم قصة ابني آدم حينما تقدم كل منهما بقربان إلى الله سبحانه وتعالى ، فتقبَّل الله من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، فما كان من هذا الابن الذي لم يتقبل الله قربانه إلا أن حسد أخاه وحقد عليه وقتله ظلمًا وعدوانًا، قال تعالى: ﴿وَاتلُ عَلَيهِم نَبَأَ ابنَي آدَمَ بِالحَقِّ إِذ قَرَّبا قُربانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِما وَلَم يُتَقَبَّل مِنَ الآخَرِ قالَ لَأَقتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقينَ۝لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقتُلَني ما أَنا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيكَ لِأَقتُلَكَ إِنّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ العالَمينَ۝إِنّي أُريدُ أَن تَبوءَ بِإِثمي وَإِثمِكَ فَتَكونَ مِن أَصحابِ النّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظّالِمينَ۝فَطَوَّعَت لَهُ نَفسُهُ قَتلَ أَخيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصبَحَ مِنَ الخاسِرينَ﴾ [المائدة: ٢٧-٣٠]

ولما قَتَلَ ابن آدم أخاه لم يعرف كيف يواري جثمانه، فأرسل الله إليه غرابًا يحفر في الأرض؛ فعرف ابن آدم كيف يدفن أخاه، فدفنه وهو حزين أشد الحزن لأنه لم يعرف كيف يدفن جثة أخيه، قال الله تعالى: ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ غُرابًا يَبحَثُ فِي الأَرضِ لِيُرِيَهُ كَيفَ يُواري سَوءَةَ أَخيهِ قالَ يا وَيلَتا أَعَجَزتُ أَن أَكونَ مِثلَ هذَا الغُرابِ فَأُوارِيَ سَوءَةَ أَخي فَأَصبَحَ مِنَ النّادِمينَ﴾ [المائدة: ٣١]

وظل آدم يعيش وسط أبنائه يدعوهم إلى الله، ويعرِّفهم طريق الحق والإيمان، ويحذِّرهم من الشرك والطغيان وطاعة الشيطان، إلى أن لقى ربه وتوفي بعد أن أتم رسالته، وترك ذريته يعمرون الأرض ويخلفونه فيها.

سلام سيدنا محمد على آدم عليه السلام


وعندما صعد النبي ﷺ إلى السماء في رحلة المعراج مَرَّ بآدم عليه السلام في السماء الأولى، وقيل له: هذا أبوك آدم فسلِّمْ عليه، فسلم عليه الرسول ﷺ وردَّ آدم عليه السلام على النبي ﷺ السلام، وقال: « مرحبا بالنبي الصالحِ ، والابنِ الصالحِ». متفق عليه

ويخبرنا النبي ﷺ أن الناس يوم القيامة يذهبون إلى آدم عليه السلام فيقولون:« أنْتَ أبو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بيَدِهِ، ونَفَخَ فِيكَ مِن رُوحِهِ، وأَمَرَ المَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إلى رَبِّكَ، ألَا تَرَى إلى ما نَحْنُ فِيهِ، ألَا تَرَى إلى ما قدْ بَلَغَنَا؟ فيَقولُ آدَمُ: إنَّ رَبِّي قدْ غَضِبَ اليومَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، ولَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وإنَّه قدْ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إلى غيرِي..» صحيح البخاري


لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية