محتويات المقال
متى الدجال؟
خطورة الدجال
لا تزال الفِتن تتوالى في آخر الزمان حتى يأتي زمانٌ تستحكم فيه الفِتن تتتابع عليهم حتى تكون كقطعِ الليل المُظلم، وهي التي حذَّرناها نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أيما تحذير، وإن أعظم الفتن وأشنعها وأفظعها من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة فتنةُ المسيح الدجال.
تحذير الأنبياء من الدجال
نعم ، ما من نبي إلا وأنذر منه أمته، أنذر منه نوحٌ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أمته، وأنذر منه موسى أمته، وكان أشدهم إعذارًا وإنذارًا وتحذيرًا منه نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِم جَميعًا وَسَلَّمَ-، فبيَّن فيهِ بيانًا لم يُبيِّنه نبيٌّ قط لأمته، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكَر لهم مرةً الدجال فخفّض فيهِ ورفع حتى راح إليه الصحابة وجوههم متغيرة، قال: "ما لي أرى وجوهكم متغيرة؟"، قلنا: يا رسول الله ذكرت الدجال فخفّضت فيه ورفعت حتى ظنناه وراءنا في طائفة النخل.
فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤٌ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مُسلم"، "ألا إنه اعور العين اليُمنى كأن عينه عنبةٌ طافئة"، وفي روايةٍ في الصحيحين: "ألا إني أُخبركم أمرًا في الدجال لم يُعلمه نبيٌ أُمته، ألا إنه أعور العين اليمنى، وإن ربكم ليس بأعور".
سمات الدجال
وهذا المسيح الدجال مسيحٌ لأنه ممسوح العين اليُمنى، وهو مسيخٌ بالخاءِ المُعجمة؛ لأنه مسخةٌ دميمٌ في خلقته، وهو دجال أعظم ما فيه من الدجل والكذب، يدَّعي أولاً أنه وليٌّ من الأولياء ويؤيَّد بخوارق، ثم يدَّعي النبوة وتزداد خوارقه إلى أن يبلغ منتهى شرهِ وكفره بادعائِه أنه رب العالمين، وهذه الخوارق يؤيَّد بها ليكون فيصلاً بين عباد الله المؤمنين وأوليائه المخلصين، وبين أولئك الذين انحازوا وانحرفوا عن دين رب العالمين.
علامات قرب زمان الدجال
وهذا الدجال علامات لقرب زمانها ما أُراها إلا أنها وُجدت وما زالت تتتابع وتتكامل في وجودها، فمن ذلك ما روى أحمد وغيره من حديث الصعب بن جثَّامة الليثي -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْه- قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يخرج الدجال حتى يذهل الناس عن ذكره، وحتى تترك الأئمة خبره على المنابر".
فذكر في هذا الحديث علامتين: ذهول الناس عن ذكره ذهولاً ليس معه نسيان، بل سلوانٌ وانشغالٌ بالدنيا كما الموت لا ينساهُ أهله، ولكنهم عنه في بُعدٍ وانشغال، فكذلكم الشأن في الدجال، "وحتى تترك الأئمة خبره على المنابر"؛ أي منابر العِلم ومنابر التوجيه ومنها خُطب الجُمعة، ومنها المواعِظ والدروس ووسائِل الإعلام.
وأصل هذا الأمر ما روى مُسلمٌ في صحيحه في حديث النواس بن سمعان الكِلابي -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْه- الطويل، وفيهِ قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنه خارجٌ خُلة بين الشام والعراق فعاثَ يمينًا وعاثَ شِمالاً، ألا يا عباد الله فاثبتوا، ألا يا عباد الله فاثبتوا"، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ﴾[الأنعام: 158].
شأن الدجال عند المؤمنين
إن الدجال شأنه أحقر في قلوب المؤمنين وعباد الله المُخلصين من أن يبلغ فيه اهتمامهم هذا الاهتمام الذي يخشونه حتى ينصرفوا عن دينهم، إن من عرف الله -عَزَّ وَجَلَّ- بأسمائه الحُسنى وصفاته العلا لم يلتبس عليهِ أمر هذا الدجال، وأسماء الله الحُسنى وصِفاته العلا هي التي تعرَّف الله -عَزَّ وَجَلَّ- بها إلينا، وعرَّفنا به أعرف خلقهِ به نبينا وسيدنا محمدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سُنتهِ خير البيان.
الدجال أعور العين اليُمنى، والله -جَلَّ وَعَلَا- له عينان كريمتان عظيمتان لائقتان به لا تُشبهانِ أعين المخلوقين كما قال -جَلَّ وَعَلَا- في آية سورة الشورى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾[الشورى: 11].
الدجالُ مخلوقٌ من أبوين، والله -جَلَّ وَعَلَا- كما نسب ومدح نفسه: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾[الإخلاص: 3].
الدجال يُرى في الدنيا، والله -جَلَّ وَعَلَا- لا يُمكن أن يراءه راءٍ في الدنيا لا لخفائِه -سبحانه- بل لعجز الرائين أن يُطيقوا ويتحلموا رؤيته، ففي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْه- قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وتَعلَّمُوا" وفي روايةٍ: "واعلموا أنه لن يرى أحدٌ منكم ربه حتى يموت".
الدجالُ دميمٌ في خِلقته، والله -جَلَّ وَعَلَا- كاملٌ جميلٌ في صِفاته وأسمائِه وذاته، "إن الله جميلٌ يُحبُّ الجمال"؛ كذا ثبت عن نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
الدجال يموت يقتله عيسى ابن مريم إذا نزل في آخر الزمان وهرب منه الدجال ويُدركه عيسى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- في باب لُدّ، فإذا رأى الدجال عيسى انذاب كما ينزاب المِلحُ في الماء، وقبل ذلك يُعاجله عيسى برمحٍ فيطعنه في لُبَّته فيقتله، ويُري أثر الدم في رمحه، ويُريح الناس من شره.
وأما ربي -جَلَّ وَعَلَا- فهو حيٌّ قيوم لا يموت ولا ينام ولا تأخذه سنةٌ ولا نوم لكمال حياته -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وكمال قيوميته، فلا يلتبس عليكم هذا الكذاب وهذا الدجال مهما بلغ بهرجه ومهما تنوعت شُبهاته وشهواته، فاثبتوا على دينكم كما أمركم بذلك نبيكم محمدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما قال: "فعاث يمينًا وعاثَ شمالاً، ألا يا عباد الله فاثبتوا"، وقد استخلف الله على كل مُسلم، فنعم الخليفة ربي.
المصدر :
لا تنس ذكر الله