من حقوق الزوجة المالية : المهر

من حقوق الزوجة المالية : المهر

من حقوق الزوجة : المهر


للزوجة على زوجها بموجب عقد النكاح الصحيح حقوق وواجبات مالية، وغير مالية.
أما الحقوق المالية، فهي المهر والنفقة.

تعريف المهر


المهر هو ما وجب علي الرجل بنكاح أو وطء أو تفويت يضع قهرًا.
وله ثمانية أسماء : صداق ومهر نحلة وفريضة حباء وأجر ثم عفر علائق

شرح التعريف:

ما وجب: عام يدخل فيه المال والمنفعة وكل ما يصلح أن يكن ثمنا عند البيع ويقدم من الزوج لزوجته.

بنكاح: أي بعقد وذلك في غير المفوضة.

أو وطء: يدخل في الوطء بشبهة أو في النكاح الفاسد.

أو تفويت بضع قهرًا: كأن وطئت امرأة مكرهة على الزنا.

حكم المهر في عقد الزواج


ليس المهر ركنا من أركان العقد ولا شرط من شروطه وإنما هو أثر من آثاره التي تجب بعده، ومن ثم فإنه يجب بالعقد وإن لم يسم فيه أصلا.

ولكن من السنة تسميته في العقد عند إنشائه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحل نكاحه ولا نكاح بناته منه.

ويسن ألا يدخل الزوج بزوجته حتى يعطيها شيئا من المهر خروجا من خلاف من أوجبه.

دليل مشروعية المهر


يستدل على مشروعية المهر بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول.

لقد تحدث القرآن الكريم في أكثر من موضع عن المهر فوصفه مرة بأنه صدقة وهدية ومرة أخرى بأنه فريضة ، قال تعالى: ﴿وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾

وقال تعالى: ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً﴾

وقال -جل شأنه: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ﴾

ووجه الدلالة من هذه الآيات الكريمات أنها تقرر وجوب المهر للزوجة على زوجها، وذلك لأن الخطاب فيها جميعا موجه للأزواج حيث أمرهم المولى -عز وجل- بأن يعطوا المهور لأزواجهم عن طيب نفس بأمر الله تعالى وفرضه من غير تنازع ولا شقاق.

ويستدل على مشروعية المهر من السنة بأن النبي -صلى الله عليه سلم- لم يعقد زواجا له ولا لبناته إلا وجد به مهرا، ولأنه لو لم يكن واجبا لتركه ولو مرة واحدة ليدل على عدم وجوبه.
وأجمعت الأمة على مشروعيته.

ومن المعقول: في مشروعية الصداق إظهار لكرامة المرأة إذ بتقديمه لها يشعر الزوج بأنها شيء غال نفيس لا ينال بطريق الحلال إلا إذا دفع عصب الحياة وهو المال.

فيحرص عليها ويعالج الحياة عند التصدع والشقاق.

الحكمة من مشروعية المهر


شرع المهر، وفرض على الزوج لزوجته لأسباب كثيرة من أهمها:
أوجب الشرع مهرا على الزوج لزوجته حتى لا يفرط فيها بسهولة بعد أن حصل عليها وإظهار لمكانة الزوجة في نفسه وإشعارًا له بأن الزوجة لا يسهل الحصول عليها إلا بالإنفاق والبذل.

إن الرجل في الإسلام هو الذي له القوامة على الزوجة والبيت وعليه المسئولية المنوطة بذلك، وتقديم المهر للزوجة هو أحد مظاهر تلك القوامة. إن إيجاب المهر على الزوج لزوجته يجعل الزوج يحرص جاهدا على استبقاء الحياة الزوجية قدر الإمكان ويحمله على التأني في الطلاق إن دعت إليه الحاجة، فلا يقدم عليه إلا عند الحاجة والضرورة لما يتطلب الطلاق من نفقات يتحملها الزوج مثل مؤخر الصداق الذي يدفع للمطلقة وكذلك دفع مهر لزوجة جديدة عند الرغبة في الزواج منها.

أسباب وجوب المهر



ويجب المهر على الزوج بواحد من سببين:

أولهما: العقد الصحيح. إلا أن وجوبه بالعقد الصحيح غير مستقر، أحيانا يسقط كله كما لو حصلت الفرقة بسبب من جهة الزوجة قبل الدخول بها حقيقة أو حكما كأن ارتدت عن الإسلام.

وقد يسقط بعضه كما لو طلقت قبل الدخول بها حقيقة أو حكما وكان قد سمي لها مهرًا في العقد.

ويتأكد وجوبه بالدخول بها حقيقة أو حكما -الخلوة الصحيح أو بموت أحدهما قبل الدخل والخلوة- كما سنوضحه بعد إن شاء الله تعالى.

الثاني : بالدخول في الزواج الفاسد كالزواج بغير شهود، أو الوطء بشبهة كأن زفت إليه امرأة على أنها زوجته ثم تبين أنها ليست بزوجته.

لقوله -صلى الله عليكم وسلم: "فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها" ولأن دخول الزوج بالزوجة دخولا حقيقا قد استوفى الاستمتاع فوجب عليه حقها أي مهرها إذا تفرقا سواء كان التفرق من جهتها أم فرق بينهما القاضي ولا تبرأ منه ذمة الزوج.

ما يصلح أن يكون مهرًا وقدره


كل ما صلح أن يكون مبيعا عوضا أو معوضا عينا أو دينا قليلا أو كثيرا ما لم ينته في القلة إلى حد لا يتمول صح كونه مهرا مؤجلا أو حالا وما لا يصح أن يكون كذلك فلا يصح أن يكون مهرًا، فإن عقد بما لا يتمول ولا يقابل بما لا يتمول فسدت التسمية ووجب مهر المثل.

أنواع المهر


للمهر نوعان:

النوع الأول: المهر المسمى

وهو ما سمي في العقد تسمية صحيحة واتفق الطرفان عليه، أو فرض للزوجة بعد العقد الذي خلا عن التسمية بالتراضي وكان العقد صحيحا.

النوع الثاني: مهر المثل

والمراد به مهر امرأة تماثلها أو تقاربها من نساء العصبات في السن والمال والجمال والثيوبة والبكارة والبلد، فإن لم يكن نساء عصبات اعتبر بمهر أقرب النساء إليها من أرحامها، فإن لم يكن لها أقارب من النساء اعتبر بنساء بلدها، ثم بأقرب النساء شبها بها.

ويجب مهر المثل في الأحوال التالية:

إذا كان المسمى غير مال كالدم أو الميتة.

إذا كان المسمى مالا غير محترم في حق المسلم كالخمر أو الخنزير.

إذا كان المسمى مجهولا جهالة فاحشة.

إذا عقدا على ما يتفقان عليه.

إذا وطئت امرأة بشبهة أو أكرهت على الزنا أو دخل بها بموجب عقد فاسد.

أحوال وجوب المهر كاملا


ويجب للزوجة المهر كاملا على زوجها سواء أكان المسمى أم مهر المثل بواحد من أمور ثلاثة:

الأول: الدخول الحقيقي؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم: "فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها" ولأن الزوج بدخوله بمن تزوجها دخولا حقيقيا يكون قد استوفى المقصود بالزواج وهو الاستمتاع بزوجته فوجب لها في المقابل المهر ولأن وطء الشبه يوجب المهر ابتداء فذلك من باب أولى سواء وطئ الزوج زوجته بعد الدخول بها وطئا حلالًا أم حرمًا كأن كانت حائضا أو محرمة بالحج أو بالعمرة، ولا يستقر المهر كاملا بوطئه فيما دون الفرج كوطئه في الدبر ولا باستدخاله المني في فرجها بدون جماع، ولا بإزالة بكارتها بغير آلة الجماع.

الثاني: موت أحد الزوجين قبل الدخل الحقيقي وقبل الخلوة لإجماع الصحابة -رضي الله عنهم- ولأنه لا يبطل به النكاح بدليل التوارث وإنما هو نهاية له.

الثالث: الخلوة الصحيحة: وهي أن يجتمع الزوجان بعد العقد الصحيح في مكان يأمنان فيه من دخول الغير عليهما أو اطلاعه عليهما بدون إذنها، ولا يوجد هناك مانع حسي، أو شرعي أو طبيعي يمنع الزوج من الوطء لزوجته في القديم في المذهب.

وعلى الجديد في المذهب وهو الأظهر أن الخلوة الصحيحة لا تقرر المهر لا ولا تؤثر فيه.

تنصيف المهر


يجب للزوجة نصف الصداق ويسقط نصفه بواحد من أمرين:

أولهما: إذا عقد الزوج على زوجته عقدا صحيحا وفرض لها مهرا عند العقد برضاهما ثم طلقها قبل الدخول بها دخولا حقيقيا أو الخلوة الصحيحة على القديم في المذهب وجب لها نصف المسمى وسقط النصف الآخر، لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾

تعويضا للزوجة عما لحقها من ضرر معنوي وجبرا لها وتخفيفا للحزن والأسى الذي أصابها بسبب من قبل الزوج، وأوجب الشرع على الزوجة أن تتنازل عن نصف ما كانت تستحقه لأنها لم تفقد شيئا.

الثاني: إذا حدثت الفرقة بينهما قبل الدخول الحقيقي أو الحكمي بسبب من جهة الزوج كالفرقة بسبب اللعان، أو الإيلاء، أو الفرقة بسبب امتناع الزوج عن الإسلام بعد إسلام الزوجة، أو وطئها أبوه أو ابنه بشبهة وهي تظنه زوجها.

سقوط المهر كله


إذا وجب للزوجة على زوجها المهر بواحد من موجباته سالفة الذكر فإنه يسقط كله عن الزوج ولا يجب للزوجة عليه شيئا بواحد من أمور خمسة:

  1. إذا أبرأت الزوجة زوجها قبل الدخول أو بعده بشرط أن تكون من أهل التبرع، وبشرط أن يكون المهر دينا في الذمة كالنقود وجميع المكيلات والموزونات إذا لم تكن معينة ولا مقصودة لذاتها.

  2. إذا كانت الفرقة بسبب من جهة الزوجة كأن ارتدت عن الإسلام، أو امتنعت عن الدخول في الإسلام بعد إسلام زوجها، أو فسخ الزواج بناء على طلب ولي أمر الزوجة لعدم كفاءة الزوجة أو لنقصان المهر عن مهر المثل.

  3. إذا كانت الفرقة من جهة الزوج قبل الدخول أو الخلوة الصحيحة وكانت الفرقة فسخا بسبب خيار البلوغ أو خيار الإفاقة من الجنون والعته وذلك إذا كان المزوج له حال صغره أو جنونه غير الأب أو الجد ثم يبلغ أو يفيق فيختار نفسه قبل الدخول حقيقة أو حكما، لما له من حق الخيار وطلب الفرقة بينه وبين زوجته فعند ذلك لا حق للزوجة في شيء من المهر.

  4. إذا وهبت الزوجة مهرها كله للزوج وهي من أهل التبرع وقيل الزوج الهبة في المجلس، سواء قبضت الزوجة المهر أم لم تقبضه، وسواء أكان المهر عينا أم دينا.

  5. إذا فسد العقد بسبب من الأسباب المقتضية لفساد كأن كان العقد بدون شهود، وحصلت الفرقة بينهما من تلقاء نفسها أو فرق القاضي بينهما قبل الدخول الحقيقي.

نكاح التفويض


التفويض: التزويج بلا مهر، وفوضت المرأة بضعها أي: أذنت لوليها في تزويجها بغير تسمية مهر.

المفوضة: لا يجب لها المهر بالعقد، ولها أن تطالب بفرضه فإن فرض لها كان المسمى في جميع ما ذكر، وإن لم يفرض حتى دخل بها وجب لها مهر المثل.

وإن مات أحدهما قبل الفرض ففي أحد القولين يجب لها مهر المثل، والثاني: لا يجب وإن طلقها قبل الفرض وجب لها المتعة.

المتعة وأحكامها


المتعة: بضم الميم وحكي كسرها مشتقة من المتابع وهو: ما يستمع به.

وفي الشرع: اسم للمال الذي يدفعه الزوج لزوجته لمفارقته إياها.

ويستدل على مشروعية المتعة بقوله تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾

ووجه الدلالة أن الله سبحانه وتعالى رفع الحرج عن المطلق قبل الدخول بقوله -سبحانه وتعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾
وذلك إذا خلا النكاح عن التسمية، فقد أمر المولى -عز وجل- الأزواج بإعطاء المرأة تعويضا لها وإشعارًا بأن الزوج لا بد وأن يعوضها عما يكون قد فاتها لمجرد الإعلان عن زواجها منه حتى ولو لم يتم الزواج.

وقوله تعالى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾
وباتفاق في المذهب تجب المتعة للمطلقة قبل الدخول بها والتي لم يفرض لها مهرا. أما المطلقة بعد الدخول سمي لها مهرا أم لم يسم له ففي القديم في المذهب لا متعة لها؛ لأن الله تعالى علق وجوب المتعة على شرطين: هما عدم المهر، وعدم الدخول فلا يجوز أن تجب بفقدهما.

وعلى الجديد من المذهب تجب لها متعة لقوله تعالى: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾

ووجه الدلالة: هو أن قوله: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ﴾ عام فيبقى على عمومه إلا ما خصه الدليل في المطلقة قبل الدخول وليس لها مهر مسمى، ولأنه طلاق لم يسقط به شيء من المهر فجاز أن تجب لها المتعة كالمطلقة قبل الفرض وقبل الدخول.

وكل فرقة وردت من جهة الزوج أو من جهة أجنبي كالرضاع فحكمه حكم الطلاق في وجوب المتعة.

وكل فرقة وردت من جهة الزوجة أو بسببها كردتها أو فسخ النكاح لوجود عيب فيها من العيوب الموجبة للفسخ فلا متعة لها وذلك لأنها لا يجب لها مهرًا وبالتالي لا تجب لها متعة.

وتقدير المتعة يرجع إلى الحاكم أو نائبه حسبما يرى على الموسع قدره على المقتر قدره، وقيل: يختلف باختلاف حال المرأة.

إعسار الزوج بالمهر


إذا أعسر الزوج بالصداق قبل الدخول ثبت للزوجة بعساره الحق في فسخ النكح أو عدم فسخه.

وإن أعسر به بعد الدخول ففي أحد القولين يثبت لها الحق في فسخ النكاح، وفي القول الثاني لا حق لها في ذلك وعليها أن تنذره إلى ميسرة.

الاختلاف في الصداق


الاختلاف في القبض: إن اختلفا في قبضه فالقول قولها مع اليمين؛ لأن الأصل عدم القبض، وإن كان قد دفع لها شيئا وادعى أنه من المهر وادعت المرأة أنه هدية فإن اتفقا على أنه لم يتلفظ بشيء عند تقديمه لها، فالقول قوله من غير يمين؛ لأن الهدية لا تصح بغير قول، وإن اختلفا في اللفظ فادعى الزوج أنه قال: هذا من صداقك وادعت المرأة أنه قال: هو هدية، فالقول قول الزوج؛ لأن الملك له.

الاختلاف في قدره أو في أجله أو في جنسه أو في عينه:

إن اختلفا في قدره كأن يقول الزوج عقدت بمائة فتقول الزوجة بل بمائتين، أو في جنسه كأن يقول الزوج تزوجتك على دراهم فتقول الزوجة: بل على دنانير، أو في أجله كأن يقول الزوج بمهر مؤجل، فتقول الزوجة بل بمهر حال، أو في عينه كأن يقول الزوج: تزوجتك بمهر قدره عشرة جمال فتقول الزوجة: بل بمهر عبارة عن منزل من طابقين.

فإن كان مع أحدهما بينة حكم له بها؛ لأن البينة على من ادعى، وإن لم يكن معهما بينة أو كان مع كل منهما بينة تعارض بينة الآخر فإنه لم يعتد بهما لتعارضهما ويتحالفان عند الحاكم؛ لأن الأيمان في الحقوق لا يستوفيها إلا الحاكم ويبدأ الزوج باليمين لقوة جانبه بعد التحالف ببقاء البضع له.

ثم بعد التحالف لا يفسد النكاح بل يسقط المسمى المختلف فيه لمصيره بالتحالف مجهولا ويجب مهر المثل حتى ولو زاد على ما دعته؛ لأنهما لما تحالفا وجب رد البضع فوجب بدله كالمبيع التالف.

لا خلاف في ذلك بين أن يختلف الزوجان قبل الدخول أو بعده أو يكون المختلف أحدهما مع ورثة الآخر أو مع ورثتهما معا، أو المختلف الزوج مع ولي الصغيرة البكر.

قبض المهر


إذا كانت الزوجة بكرًا صغيرة أو كبيرة يلي أبوها بضعها ومالها كالمجنونة والسفيهة تولى الأب قبض المهر بنفسه؛ لاستحقاقه الولاية على مالها ولو قبضته من زوجها لم يصح ولم يبرأ الزوج منه إلا أن يبادر الأب إلى أخذه منها فيبرأ الزوج حينئذ منه فإن كانت ثيبا لا تجبر على النكاح فليس للأب قبض مهرها إلا بإذنها فإن قبضه بغير إذنها لم يبرأ الزوج منه.

وإن كانت بكرا يجبرها أبوها على النكاح فالصحيح في المذهب أنه لا يملك قبض مهرها إلا بإذنها، وقيل: له قبض مهرها لأنه يجبرها على النكاح كالصغيرة.

المهر وجهاز المرأة


من المسائل التي لها علاقة وثيقة بموضوع المهر مسألة تجهيز المرأة بما تحتاجه من أثاث منزلي أو ملابس وغير ذلك عند زفافها على زوجها فهل تجهيز بيت الزوجية مسئولية الزوج أم أن المرأة ملزمة شرعا بشراء ما يحتاجه بيت الزوجية من أثاث من مهرها أو مالها أو مال أبيها؟

يقول المولى -عز وجل: ﴿وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾
فهذا خطاب من المولى -عز وجل- لأولياء النساء، وذلك لأن العرب في الجاهلية كانت لا تعطي النساء من مهورهن شيئا، ولذلك كان إذا ولد لواحد منهم بنتا يهنئونه بقولهم: هنيئا لك النافجة: أي أنك تأخذ مهرها إبلا فتضمها إلى إبلك، وقال بعض علماء اللغة: النافجة: ما يأخذه الرجل من الحلوان إذا زوج ابنته، فنهى الله تعالى عن ذلك وأمر الأولياء بدفع الحق إلى أهله، وهذا قول جمهور العلماء وأهل اللغة.

فدلت الآية الكريمة على أن المهر حق خالص للمرأة ولا يجوز لأحد أن يأخذ منه شيئا.

وفي الحديث المتفق عليه من حيث سهل بن سعد الساعدي أن امرأة جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله جئت أهب نفسي لك، فقامت طويلا فقام رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك حاجة بها،

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ " فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك" الحديث.

يقول ابن عبد البر -يرحمه الله: في هذا الحديث دليل على أن ما يصدقه الرجل لزوجته لا يملك شيئا منه، وأنه للمرأة دونه، ألا ترى إلى قوله: "إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك".

وأقول: من خلال النص القرآني الكريم، والحديث النبوي الشريف يفهم أن المهر حق خالص للزوجة ليس لأبيها ولا لزوجها، ولا لأحد حق فيه ومن ثم فلا تلزم شرعا بشراء ما يحتاجه بيت الزوجية من جهاز أو متاع إنما ذلك على الزوج، ولكن تعارف أهل مصر قديما وحديثا على قيام الزوجة بشراء ما يحتاجه بيت الزوجية من أثاث منزلي بما قبضته من مهر وربما يزيد عنه على أن يكون هذا الجهاز ملكا خاصا لها وللزوج وغيره جواز الاتنفاع به بإذنها ما دامت الزوجية قائمة بينهما وأبقت الزوجة الجهاز في بيت الزوجية.

وما تعارف عليه أهل مصر لا يتعارض مع الشرع بل هناك من الشرع ما يؤيده فروى السنائي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: جهز النبي -صلى الله عليه سلم- فاطمة في خميل قطيفة، أي ثوب له وبر من أي شيء، وقربة، ووسادة حشوها إذخر: أي نبات طيب الرائحة تحشى به الوسائد.

كما تعارف أهل مصر حديثا على كتابة ما يسمونه بقائمة الجهاز التي تأخذها الزوجة على الزوج لإثبات ملكيتها لأثاث بيت الزوجية عند حدوث شقاق بينهما.

وقد اعتبر واضعو قانون الأحوال الشخصية العرف في ذلك فجاء في المادة ٦٦ منه: أن الزوجة تلزم بتجهيز نفسها بما يتناسب وما تعجل من مهر قبل الدخول ما لم يتفق على غير ذلك، فإذا لم يجعل شيء من المهر فلا تلزم بالجهاز إلا بمقتضى الاتفاق أو العرف.

اختلاف الزوجين أو ورثتهما في ملكية متاع البيت أو بعضه:

إن اختلاف الزوجان حال حياتهما في ملكية الجهاز والأثاث المنزلي ومع أحدهما بينة تثبت ملكيته له حكم له بها وكذلك إن اختلف أحدهما مع ورثة الآخر أو ورثتهما بعد وفاتهما وإن لم يكن تمت بينة الجهاز يقسم بينهما نصفين أو بين ورثتهما بغض النظر عما يصلح للجار وما يصلح للنساء.

المرجع :

لا تنس ذكر الله
سبحان الله العظيم
0 / 100

إقرأ المزيد :



عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية