نعمة الصحة في الأبدان

نعمة الصحة في الأبدان

نعمة الصحة في الأبدان


أهمية نعمة الصحة والعافية


إنَّ من أعظمِ نعمِ اللهِ على عبادِه بعدَ نعمةِ الإسلامِ نعمةَ الصحةِ والعافيةِ في الأبدانِ، والسلامةَ من كلِّ ما يُكدِّرُ العيشَ؛ من الأسقامِ والآلامِ والأحزانِ، فهي نعمةٌ لا يعدلُها شيءٌ، وتاجٌ على رؤوسِ الأصحاءِ، لا يَشعرُ بقيمتِها وفضلِها إلا من فَقَدَهَا، وهيَ من أجزلِ عطايَا ربِّنا وأوفرِ مِنَحِه، يقولُ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا"

مما يعين على معرفة قدر نعمة الصحة


وإذا أرادَ الإنسانُ أَنْ يعرفَ قَدْرَ نعمةِ اللهِ عليه في الصحةِ والعافيةِ فعليه أن يزورَ المستشفياتِ والمصحاتِ، وينظرَ إلى المرضَى وأصحابَ العاهَاتِ، وسيرى صورًا من الآلامِ والأوجاعِ والمعاناةِ والابتلاءاتِ؛ فمنهم مريضٌ يَئِنُّ من شِدةِ المرضِ، ومنهم من يبكي من قوةِ الألمِ، ومنهم مُغمًى عليه لا يستطيعُ الحراكَ، ومنهم مَن لا يستطيعُ التنفسَ، ومنهم من ينزفُ دمًا، ومنهم من فَقَدَ عُضواً من أعضائِه، ومنهم من هو في غرفةِ العملياتِ، وآخرُ في غرفةِ العنايةِ المركَّزةِ لا يدري أيخرجُ منها حيًّا أو ميِّتًا.

رؤيةُ هؤلاءِ المرضى والمبتلينَ من العِبَرِ والمواعظِ التي تُذَكِّرُ العبدَ بعظيمِ نعمِ اللهِ عليه، ويعلمُ يقينًا أنَّ لباسَ العافيةِ لا يعدلُه شيءُ، وقد أوصى نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم- مَنْ رأى مبتلىً أَنْ يقولَ: "الحمدُ للهِ الذي عافاني مما ابتلاكَ به، وفضَّلني على كثيرٍ ممن خلق تفضيلا.."؛ شكرا لنعمة الله عليه لعدم إصابته بهذا الداء أو هذا البلاء.

وعن رِفَاعةَ بنِ عِرابةَ الجُهنيِّ قال: قامَ أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ على المنبرِ، ثمَّ بَكى فقالَ: قامَ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عامَ الأوَّلِ على المنبرِ ثمَّ بَكى فقالَ: "سلوا اللَّهَ العفوَ والعافيةَ؛ فإنَّ أحدًا لم يُعطَ بعدَ اليقينِ خيرًا منَ العافيةِ"

وقد امتدحَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الصِّحةَ بقولِه: "لاَ بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنِ اتَّقَى، وَالصِّحَّةُ لِمَنِ اتَّقَى خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى، وَطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النِّعَمِ"

شكر نعمة العافية


ينبغي للمُعافَى أن يشْكُرَ اللهَ -تعالى- على نعمةِ العافيةِ في نفسَِه وأهلِه وولدِه ومالِه وجميعِ شأنِه، فهو -سبحانَه- صاحبُ الفضلِ في كلِّ ذلك، وهو القائلُ -سبحانه-: ﴿وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾[النحل: 114]، والقائل: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾[إبراهيم:7].

وعلى المعافى أيضًا أنْ يحمدَ اللهَ -تعالى- على نِعمةِ العافيةِ، ولا ينظرَ لأصحابِ الغنى مِمَّن كَثُرَ مالُه، أو عَظُمَ جاهُه، فربَّما سُلبتْ من هذا الغَنيِّ تلكَ النعمةُ وذَاقَ ألمَ الحرمانِ من النِّعمِ التي أُوتيَها، وآلامَ الأمراضِ والأدواءِ، فمَنْ أُوتِيَ العافيةَ فظنَّ أنَّ أحداً أُعْطِيَ أكثرَ منه؛ فقد قلَّل كثيراً، وكثَّر قليلاً.

سؤال الله العافية


على المسلمِ أَنْ يلحَّ على اللهِ في الدعاءِ بطَلبِ العافيةِ؛ أيْ دوامِها واستمرارِها، فهي من أفضلِ الأدعيةِ التي ينبغي الحرصُ عليها في كلِّ وقتٍ، يقولُ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْمُعَافَاةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ"

ولَمَّا عَلِمتْ عائشةُ -رضي اللهُ عنها- فَضْلَ سؤالِ اللهِ العافيةِ، قالتْ: "لو علمتُ أيَّ ليلةٍ ليلةُ القدرِ، لكانَ أكثرُ دعائي فيها أَنْ أسألَ اللهَ العفوَ والعافيةَ"

وعلى المسلمِ أَنْ يسألَ اللهَ العافيةَ في الدنيا والآخرةِ، فقد روى أَنَسُ بنُ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "سَلِ اللهَ العَفْوَ والعافِيَةَ في الدنيا والآخِرَةَ، سَلِ اللهَ العَفْوَ والعافِيَةَ في الدنيا والآخِرَةَ؛ فإِذا أعطيتَ العافيةَ في الدنيا والآخرةِ فقد أفلحْتَ"

من وسائل المحافظة على نعمتي الصحة والعافية


نعمةَ الصحةِ والعافيةِ تاجٌ على رؤوسِ الأصحاءِ لا يَراهَا إلا المرضى، لكنَّها تحتاجُ أَنْ يأخذَ الأصحاءُ بأسبابِ المحافظةِ عليها، ومن ذلك:

أولاً: أنْ يعرفَ العبدُ عِظَمَ قَدْرِ نعمةِ العافيةِ التي أسبَغَها اللهُ عليه وأنَّها غنيمةٌ له، فيسعى سعيًا حثيثًا في اغتنامِ عُمُرهِ بالازديادِ من الأعمالِ الصالحةِ في حالِ صحتِه وعافيتِه، والإكثارِ من الحسناتِ قبلَ حصولِ المرضِ ونزولِ الضعْفِ، يقولُ نبيُّنَا -صلى الله عليه وسلم-: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قبْلَ خَمْسٍ: وذكر منها:.. وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ". وقال -صلى الله عليه وسلم-: "نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ"

ثانيًا: الاستقامةُ على طاعةِ اللهِ -تعالى-، والإكثارُ من الصلاةِ: يقولُ ابنُ القيِّمِ -رحمه الله-: "ولا رَيْبَ أنَّ الصلاةَ نفسَها فيها من حِفْظِ صحةِ البدنِ، وإذابةِ أخلاطِه وفضلاتِه، ما هو من أنفعِ شيءٍٍ له، سوى ما فيها مِن حِفْظِ صِحَّةِ الإيمانِ، وسعادةِ الدنيَا والآخرةِ، وكذلكَ قيامُ الليلِ مِن أنفعِ أسبابِ حفظِ الصحة، ومن أَمنْعِ الأُمورِ لكثيرٍ من الأمراضِ المُزْمنةِ، ومن أنْشَطِِ شيءٍ للبدنِ والرُّوحِ والقلبِ"

ثالثًا: مزاولةُ الأنشطةِ الرياضيةِ المفيدةِ، وأَكْلُ الأطعمةِ النَّظيفةِ الصِّحِّيةِ، والبعدُ عمَّا يضرُّ الجَسَدَ من ضُغوطاتِ الحياةِ، يقولُ ابنُ القيِّمِ -رحمهُ اللهُ-: "ولَمَّا كانتْ الصَّحةُ والعافيةُ من أَجَلِّ نِعَمِ اللهِ على عبْدِه، وأجْزَلِ عطاياهُ، وأوفرِ مِنحِه -بلْ العافيةُ المُطلقةُ أَجَلُّ النِّعَمِ على الإطلاقِ-؛ فحقيقٌ لِمَنْ رُزِقَ حظّاً مِن التوفيق مراعاتُها، وحِفظُها، وحِمايتُها عمَّا يُضادُّها"

رابعًا: سؤالُ اللهِ العافيةَ في كلِّ شيءٍ: فعَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-. قَالَ: "سَلِ اللَّهَ الْعَافِيَةَ". فَمَكَثْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُهُ اللَّهَ. فَقَالَ لِي: "يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ! سَلِ اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ". فليس شيءٌ من الدنيا يهنأُ به صاحبُه إلا مع العافيةِ.

لا تنس ذكر الله
الحمدلله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية