محتويات المقال
سنن النبي في يوم الجمعة
الاغتسال والتطيب والتسوك والتجمل يوم الجمعة
كثير من المسلمين من يتوضأ ويخرج لصلاة الجمعة كهيئته للخروج لأي صلاة أخري ، ويسن للمسلم أن يغتسل يوم الجمعة على قول جمهور أهل العلم ، كما ويسن له أن يتطيب ويتسوك ويلبس أفضل ثيابه ، ويكون في أحسن هئية ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل» .
وعن أبي عبد الله سلمان الفارسي رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « لا يغتسل رجل يوم الجمعة ، و يتطهر ما استطاع من طهر ، و يدهن من دهنه ، أو يمس من طيب بيته ، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ، ثم يصلي ما كتب له ، ثم ينصب إذا تكلم الإمام ، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى».
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «غسل يوم الجمعة على كل محتلم ، و سواك ، و يمس من الطيب ما قدر عليه»
وعن محمد بن يحيى بن حبان ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : «ما على أحدكم إن وجد ، أو ما علي أحدكم إن وجدتم ، أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته» .
التكبير في الذهاب إلى صلاة الجمعة
بعض المسلمين لا يقوم لصلاة الجمعة إلا بعد أن يسمع الأذان أو بعد أن يسمع من مكبرات الصوت أن الخطيب بدأ خطبته ، ومثل هذا ضيع على نفسه أجرًا عظيمًا ، فعن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :«من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإيام فاستمع ولم يلغ ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ، ثم راح فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر».
سئل الشيخ ابن عثيمين : متى تبدأ الساعة الأولى من يوم الجمعة ؟
فأجاب رحمه الله :« الساعات التي ذكرها الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقسم الزمن من طلوع الشمس إلى مجيء الإمام خمس أقسام ، فقد يكون كل قسم بمقدار الساعة المعروفة ، وقد تكون الساعة أقل أو أكثر ؛ لان الوقت يتغير ، فالساعات خمس ما بين طلوع الشمس ومجيء الإمام للصلاة ، و تبتدئ من طلوع الشمس ، وقيل : من طلوع الفجر ، والأول أرجح ؛ لان ما قبل طلوع الشمس وقت لصلاة الفجر».
الذهاب إلى صلاة الجمعة مشياً علي الأقدام
يسن للمسلم أن يذهب إلى صلاة الجمعة مشيا على الأقدام إن كان يستطيع ذلك ، فعن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : «من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها».
قال الإمام الشافعي رحمه الله في الأم : ( ولا تؤتى الجمعة إلا ماشيًا ) .
وقال الإمام النووي رحمه الله في المجموع : ( اتفق الشافعي والأصحاب وغيرهم علي أنه يستحب لقاصد الجمعة أن يمشي وأن لا يركب في شيء من طريقه إلا لعذر كمرض ونحوه ، والله أعلم ) .
الدنو ( القرب ) من خطيب الجمعة
كثير من المصلين يأتون إلي صلاة الجمعة ويجلسون على جدران وأعمدة المسجد بعيداً عن الخطيب ، وهذا مخالف للسنة ، فعن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول :«من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها».
وعن سمرة بن جندب ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال :«احضروا الذكر ، وادنوا من الإمام». والمقصود بالدنو من الإمام هو القرب ، قال الشيخ العظيم آبادي في كتابة عون المعبود على سنن أبي داود :....... وادنوا : أي اقربوا قدر ما أمكن . وليس القرب مختصاً بالجهة المقابلة للإمام بل من أي جهة سواء أمامه أو عن جانبيه ، و الحكمة في القرب من الإمام هو استماع الحطبة ، قال النووي في المجموع : يستحب الدنو من الإمام بالإجماع لتحصيل التقدم في الصفوف واستماع الخطبة . وقال ابن قدامة في المغني : لأنه أمكن له من السماع .
استقبال الناس الخطيب بوجوهم أثناء الخطبة
يأتي كثير من المصلين إلى صلاة الجمعة و يبحثون عن جدران وأعمدة ليجلسوا عليها ، ولا يعيرون أهمية لاستقبال الخطيب بوجوههم ، بل ومن الناس من يجلسون في ساحات خارج مصلى المسجد ، ويكتفون بسماع الخطبة من مكبرات الصوت ، و هذا مخالف للسنة ، فمن السنة أن يستقبل المصلون الخطيب بوجوهم وينظرون إليه خلال الخطبة ، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : (( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استوى على المنبر ، استقبلناه بوجوهنا».وقال الإمام الترمذي رحمه الله في سننه : والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم ، يستحبون استقبال الإمام إذا خطب .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري : ومن حكمة استقبالهم للإمام التهيؤ لسماع كلامه ، وسلوك الأداب معه في استماع كلامه ، فإذا استقبله بوجهه وأقبل عليه بجسده و بقلبه وحضور ذهنه ؛ كان أدعى لتفهم موعظته ، وموافقته فيما شرع له القيام لأجله .
وقد بين الإمام الألباني رحمه الله في كتابه ( السلسلة الصحيحة ) أن استقبال الخطيب من السنن المتروكة ، وقال في كتابه ( تمام المنة في التعليق على فقه السنة ) عن سنة استقبال المصلين للخطيب بوجههم : وهذه من السنن المتروكة فعلى المحبين لها إحياؤها حياهم الله تعالى وجعل الجنة مأوانا ومأواهم بفضله وكرمه .
عدم تخطي الرقاب
يُعرف تخطي الرقاب بأنه : قيام الشخص بالتفريق بين الجالسين المتجاورين للمرور بينهم ، وقد يكون هذا باستعمال يديه ومباعدة أجسامهم بعضها عن بعض ، أو برفع رجله بجانب أكتافهم أو رقابهم أو رؤوسهم لتجاوزهم . وهذا الفعل يأتي به بعض المصلين في صلاة الجمعة ، فيأتي أحد المصلين متأخراً للصلاة والإمام يخطب ويتخطي رقاب المصلين للمرور إلى الصفوف الأولى ، و هذا غير جائز ، فينبغي للمصلي يوم الجمعة ألا يتخطى الرقاب بل يجلس في أقرب فرجة أو مكان وجد فيه فسحة ، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه : «أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب ، فجعل يتخطى الناس ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اجلس فقد آذيت ، وأنيت ».
وكذلك ليس للمصلي أن يُفرق بين الجالسين بجوار بعضهما ، أو يقيم أحداً من مكانه ؛ ليجلس هو ، ولكن له إن لم يجد مكانًا أن يقول : افسحوا ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال :« لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ، ثم ليخالف إلى مقعده فيعقد فيه ، ، ولكن يقول افسحوا». ومن تخطى الرقاب فقد حرم نفسه ثواب صلاة الجمعة وكتب له كأنه صلى ظهرًا ، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : «من لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرا».
صلاة ركعتين تحية المسجد حتى ولو كان الإمام يخطب : يسن للمصلي إذا دخل المسجد لأي صلاة أن يصلي ركعتين تحية المسجد ، و إذا تأخر المصلي لعذر عن صلاة الجمعة ووجد الإمام يخطب ، فيسن له كذلك أن يصلي ركعتين تحية المسجد ويتجوز فيهما أي يخففهما ولا يطيل.
وعن أبي سعيد الخدري قال : « من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له ما بينه و بين البيت العتيق».
تنبيه هام : أما تخصيص بعض الناس سورة البقرة أو آل عمران أو هود أو يس أو الدخان أو الرحمن أو غيرها من السور بالقراءة يوم الجمعة ، فهذا ليس بسنة ، بل إن تخصيص وقت معين لقراءة بعض السور بغير دليل صحيح من البدع المنكرة ؛ لأن العبادة مبناها على التوقيف فلا يعبد الله عنها ، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد».
وقال الإمام الشاطبي رحمه الله في كتاب الاعتصام : ( ومنها - يقصد البدع - التزام العبادة المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة).
وأخيراً أؤكد على أنه لا حرج في قراءة أي سورة من سور القرآن العظيم في أي وقت ، ولكن بشرط ألا يجعل لها يوماً خاصاً لقراءتها ، فيعتقد أن لقراءتها في هذا اليوم فضيلة عن قراءتها في غيره من الأيام ، وإنما يقرأ ما شاء من القرآن دون تخصيص سورة بوقت معين ، فجميع آيات القرآن فيها من الخير العظيم ، ولقارئها بكل حرف حسنة ، والحسنة بعشرة أمثالها .
تحري ساعة إجابة الدعاء يوم الجمعة
يُستحب للمسلم أن يترقب ساعة الإجابة يوم الجمعة ويدعو الله فيها بما يشاء من خيري الدنيا و الآخرة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال : «إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم ، يسال الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه».
وذكر الإمام ابن القيم الجوزية رحمه في كتابه المعاد بأن أهل العلم اختلفوا في تحديد هذه الساعة إلى أقوال عدة ، أصحهما قولان : الأول : أنها من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة ، والثاني : أنها بعد العصر ، وهذا أرجح القولين ، وهذا قول أكثر السلف ، وعليه أكثر الأحاديث ، فعن جابر
بن عبد الله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :« يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة ، لا يوجد فيها عبد مسلم يسأل الله شيئا إلا آتاه إياه ، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر».
تحول المصلي من مكانه إذا نعس في خطبة الجمعة
هناك من المصلين من يجلس في المسجد على جدار أو عمود فتصيبه سنة من النوم فيغفل في خطبة الجمعة ويضيع على نفسه أجورًا كثيرة ، هذا بالإضافة إلى أنه ربما يستغرق في النوم فينتقض وضوؤه ، و من السنة لمن شعر بالنعاس أن يتحول من مكانه إلى مكان آخر ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : « إذا نعس أحدكم يوم الجمعة فليتحول من مجلسه ذلك».
وفي رواية أخرى في مسند الإمام أحمد : «فليتحول من مجلسه ذلك إلي غيره»، وقال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار : والحكمة في الأمر بالتحول أن الحركة تذهب النعاس، ويتحمل أن الحكمة فيه انتقاله من المكان الذي أصابته فيه الغفلة بنومه .
سنة صلاة الجمعة
۱ - بخصوص السنة القبلية : ليس لصلاة الجمعة سنة قبلية على قول أكثر أهل العلم ، ولكن يسن لمن أتى المسجد قبل الجمعة أن يصلي نفلا مطلقا ، فيصلي ما شاء من الركعات إلى أن يصعد الخطيب المنبر ، ودليل ذلك : حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه الذي يقول فيه : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « من اغتسل يوم الجمعة ، وتظهر بما استطاع من طهر ، ثم ادهن أو مس من طيب ، ثم راح فلم يفرق بين اثنين ، فصلى ما كتب له ، ثم إذا خرج الإمام أنصت ، غفر له ما بينه و بين الجمعة الأخرى».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى : وهذا هو المأثور عن الصحابة ، كانوا إذا أتوا المسجد يوم الجمعة يصلون من حين يدخلون ما تيسر ، فمنهم من يصلي عشر ركعات ، و منهم من يصلي اثنتي عشرة ركعة ، ومنهم من يصلي ثمان ركعات ، و منهم من يصلي أقل من ذلك .
٢- بخصوص السنة البعدية : جاءت عدة أحاديث في ذلك منها أن سنة الجمعة البعدية ركعتين ، و منها أنها أربع ركعات ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «كان لا يصلى بعد الجمعة حتى ينصرف ، فيصلي ركعتين ».
وفي رواية أخري عند مسلم :«فكان لا يصلى بعد الجمعة حتى ينصرف ، فيصلي ركعتين في بيته».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :«إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعًا».
و في ضوء هذه الأحاديث اختلف الفقهاء ، فقال بعضهم سنة الجمعة البعدية ركعتين ، وقال بعضهم أربع ركعات وقال آخرون المصلي مخير بين أن يصلي ركعتين أو أربع ، وقال غيرهم ست ركعات . وجمع بين هذه الأحاديث شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، بقول نقله عنه تلميذه ابن القيم في زاد المعاد ، ويقول فيه : ( إن صلى في المسجد صلى أربعًا ، وإن صلى في بيته صلى ركعتين ، وأخذ بهذا القول علماء اللجنة الدائمة للإفتاء ) .
لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100
إقرأ المزيد :
الفئة: رسول الله محمد ﷺ