محتويات المقال
قصة أصحاب السبت
من أجمل القصص التي تقرأها في حياتك هي القصص القرآنية.. فيها العبر والعظات والإثارة والمتعة أيضًا..وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم : ﴿نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ بِما أَوحَينا إِلَيكَ هذَا القُرآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبلِهِ لَمِنَ الغافِلينَ﴾ [يوسف: ٣]
ومن القصص التي ورد ذكرها في القرآن الكريم ، قصة أصحاب السبت!
أصحاب السبت في القرآن والحديث
قال تعالى عن أصحاب السبت : ﴿وَاسأَلهُم عَنِ القَريَةِ الَّتي كانَت حاضِرَةَ البَحرِ إِذ يَعدونَ فِي السَّبتِ إِذ تَأتيهِم حيتانُهُم يَومَ سَبتِهِم شُرَّعًا وَيَومَ لا يَسبِتونَ لا تَأتيهِم كَذلِكَ نَبلوهُم بِما كانوا يَفسُقونَ﴾ [الأعراف: ١٦٣]وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل » قال ابن كثير إسناده جيد.
قصة أصحاب السبت
كان قوماً من بني إسرائيل في زمن داود عليه السلام يسكنون قرية على شاطئ البحر بين مصر وحطين يقال لها "أيلة" وأن الله أمر اليهود بتعظيم يوم الجمعة فتمردوا وقدموا رأيهم وقالوا بل نعظم السبت؛ فإن الله بدأ الخلق الأحد وانتهى الجمعة "واستراح السبت" كذا كذبوا عليه تعالى عما يقولون.قال الإمام السُّدِّي: «إن الله فرض على اليهود يوم الجمعة فأبوا وقالوا يا موسى: إن الله لم يخلق يوم السبت شيئا فاجعل لنا السبت، فلما جعل عليهم السبت استحلوا فيه ما حرم عليهم». ابن أبي حاتم .
فحرم الله على اليهود العمل والصيد يوم السبت، وابتلاهم سبحانه بفسقهم وتمردهم، وكان من هذا ما ابتلى به أهل القرية التي كانت حاضرة البحر؛ فكان إذا جاء يوم السبت جاءت الأسماك والحيتان شرعا بيضًا سمانًا طافية ينظرون إليها، فإذا انتهى السبت وذهب ، ذهبت الحيتان فلا يرونها حتى السبت المقبل، فإذا كان يوم السبت رجعت إليهم كذلك. قال سبحانه:﴿وَاسأَلهُم عَنِ القَريَةِ الَّتي كانَت حاضِرَةَ البَحرِ إِذ يَعدونَ فِي السَّبتِ إِذ تَأتيهِم حيتانُهُم يَومَ سَبتِهِم شُرَّعًا وَيَومَ لا يَسبِتونَ لا تَأتيهِم كَذلِكَ نَبلوهُم بِما كانوا يَفسُقونَ﴾ [الأعراف: ١٦٣]
عصيان ومسخ أصحاب السبت
استمر هذا الأمر الى ما شاء الله، إلا أن نفوسهم الخبيثة أبت أن تصبر على طاعة الله ورفضت إلا العصيان، فتحايلوا على أمر الله بالمكر والخديعة، كما هو ديدنهم دائما وأبد، يمكرون ويمكر الله بهم، يخادعون الله وما يخدعون إلا أنفسهم والله سبحانه خادعهم ، فكان بعضهم يعمل أحواضا وبركا قرب البحر فإذا جاء السمك يوم السبت ووقع في الأحواض والبرك فمنعوه من الرجوع عن طريق حواجز جعلوها بين الأحواض والبحر، ثم يخرجون السمك يوم الأحد.وبعضهم كان يضع المصائد والشباك يوم السبت فيقع فيها السمك، ثم لا يخرجها إلا الأحد تحايلا ومخادعة بدعوى أنهم لم يصطادوه يوم السبت. وبعضهم يمسك الحوت فيثقب أنفه ويربط فيه خيطا قد ضرب له في البر بوتد ثم يلقيه في البحر، فإذا كان الأحد أخرجه .
كل هذا التحايل كان على الله سبحانه وتعالى عالم الغيب وعالم كل ما يحصل في هذا الكون الواسع .
وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من مثل هذه المسالك الردية والطرق الإبليسية والحيل الشيطانية للتحايل على الأوامر الشرعية فقال: (لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل). قال ابن كثير: إسناده جيد.
كان من أهل تلك القرية ذوو أحلام وأصحاب عقول فنهوا من يقوم بهذه الحيل ، وقالوا تأخذونها وقد حرمها الله عليكم يوم السبت، فلم يزدادوا إلا غيا وعتوا، وطائفة رأت عنادهم وأنهم لا ينتهون عن غيهم فاعتزلوهم وقالوا للناهين عن المنكر: ﴿وَإِذ قالَت أُمَّةٌ مِنهُم لِمَ تَعِظونَ قَومًا اللَّهُ مُهلِكُهُم أَو مُعَذِّبُهُم عَذابًا شَديدًا قالوا مَعذِرَةً إِلى رَبِّكُم وَلَعَلَّهُم يَتَّقونَ﴾ [الأعراف: ١٦٤]
فلما رآى الناهون والناصحون لقومهم استمرارهم بما يفعلون وإصرارهم عليه قاموا بإنشاء سور بينهم وذلك خوفًا من أن ينزل الله عذابه عليهم ، فيصيبهم معهم .
وفي صباح يوم اختفى صوتهم قام أحد الرجال برفع السور الذي بينهم وقال : :" عباد الله قردة والله تعاوى لها أذناب مسخهم الله قردة" ، وجاء في القرآن الكريم : ﴿فَلَمّا عَتَوا عَن ما نُهوا عَنهُ قُلنا لَهُم كونوا قِرَدَةً خاسِئينَ﴾ [الأعراف: ١٦٦]
بعدها بدأ الناس بالدخول عليهم ، يعرفون الرجل بعينه، وإنه لقرد والمرأة بعينها وإنها لقردة، وعرفت القردة أنسابها فجعل القرد يأتي نسيبه من الإنس فيشم ثيابه ويبكي. فيقول الإنسي لهم: ألم ننهكم عن ذلك؟ فيشير برأسه: أي نعم. وقال تعالى : ﴿فَلَمّا عَتَوا عَن ما نُهوا عَنهُ قُلنا لَهُم كونوا قِرَدَةً خاسِئينَ﴾ [الأعراف: ١٦٦]
وبقي القوم ثلاثة أيام قرودّا ثم ماتوا ولم يعقبوا.
العظات من هذه القصة :
- وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما أمكن ذلك، باليد واللسان والقلب، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).
- أن الإنسان إذا نصح قدر طاقته فلم يستجب له، فليعتزل أهل البدع والمعاصي والفجور ولا يشاركهم في مجالسهم حتى لا يصيبه العذاب إن حل بهم. روى البخاري ومسلم عن ابْنَ عُمَرَ – رضى الله عنهما: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا، أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ) لفظ البخاري .
- أن الله يمهل ولا يهمل، وأن عذابه أليم، وأخذه شديد، فليحذر كل امرئ غضب الله، وليعلم أنه يعلم حاله ويرى مكانه، فاستحوا عباد الله من نظر الله إليكم لا يراكم على معصية فيغضب .
- أن عقوبة التحايل عظيمة، لأنه أعظم من مجرد العصيان، فإنه استهانة بعظمة الله، واستهزاء وبحث عن حيل للخروج من الطاعة واستحلال لما حرم الله تعالى.
لا تنس ذكر اللهالحمدلله0 / 100
إقرأ المزيد :
الفئة: قصص من القرآن