أحكام ومسائل في صلاة المسافر

أحكام ومسائل في صلاة المسافر

صلاة المسافر


يسّر الإسلام على الناس في أمور كثيرة ،عند وجود الضرر والمشقة ، ومن ذلك تخفيف الصلاة في السفر حتى يستطيع المسافر أن يؤدي العبادة على أكمل وجه .

وفي هذا المقال سنعرض لكم مسائل وأحكام في صلاة المسافر .

حكم القصر للمسافر


إختلف الفقهاء في حكم القصر للمسافر، ولكن الأرجح أنه يسن للمسافر قصر الصلاة لقوله تعالى: « وإذَا ضَرَبْتُمْ فِي اْلأَرْضِ فَلَيسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلَوةِ»[ النساء :١٠١] ، كما جاء في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنه قال : «صحبت النبي صلى الله عليه وسلم، فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبو بكر وعمر وعثمان كذلك» متفق عليه .

قول الفقهاء في حكم القصر للمسافر:
الإمام أبو حنيفة رحمه الله : القصر واجب ، لأنه يرى أن القصر في السفر عزيمة لا رخصة، ومعنى العزيمة أنه واجب، لماذا؟ لأن الصلاة عندما شرعت كانت ركعتين ثم زيدت، فعن عائشة رضي الله تعالى عنها: «فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر». (أخرجه البخاري ومسلم).لذا فإنه لو أتم المسافر صلاته في السفر، وجبت عليه سجدة السهو عند أبي حنيفة لأنه أخل بالواجب.
الإمام مالك رحمه الله : يقول :« القصر سُنة مؤكدة في حق المسافر، لأن الرسول فعل ذلك، ولم يصح عنه أنه أتم الصلاة في السفر».
الإمام الشافعي والإمام أحمد رحمهما الله : القصر للمسافر رخصة وهي تقابل العزيمة، وكونه رخصة يفيد أن المسافر مخير بين الفعل والترك، فله أن يقصر وله أن يتم، كما أن الإفطار للصائم المسافر في رمضان رخصة.

مقدار المسافة التي يقصر فيها الصلاة


اختلف العلماء على تحديد المسافة التي تقصر فيها الصلاة :
الرأي الأول : يجب أن تكون المسافة نحو ثلاثة وثمانين كيلو متراً وأكثر .
الرأي الثاني وهو الأرجح : حددها العلماء بما جرى به العرف أنه سفر وان لم يبلغ ثمانين كيلو متراً وما قال الناس عنه : إنه ليس بسفر فليس بسفر ولو بلغ مائة كيلو متر. وهذا الأخير هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، رحمه الله ، وذلك لأن الله تعالى لم يحدد مسافة معينة لجواز القصر وكذلك النبي ﷺ لم يحدد مسافة معينة لجواز القصر.

وقال أنس بن مالك – رضى الله عنه : « كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج ثلاثة أميال او فراسخ قصر الصلاة وصلى ركعتين» . وقول شيخ الإسلام ابن تيميه ، رحمه الله ، أقرب إلى الصواب، ولا حرج عند اختلاف العرف فيه أن يأخذ الإنسان بالقول بالتحديد لأنه قال به بعض الأئمه و العلماء المجتهدين فليس عليهم به بأس إن شاء الله تعالى ما دام الأمر منضبطاً فالرجوع إلى العرف هو الصواب.

حكم جمع الصلاتين للمسافر


يوجد حالتين للجمع :
الأولى : إذا كان المسافر سائراً فالأفضل له أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إما جمع تقديم وإما جمع تأخير حسب الأيسر له .

الثانية: إذا كان المسافر نازلاً فالأفضل أن لا يجمع وإن جمع فلا بأس لصحة الأمرين عن رسول الله ﷺ. فعن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال: «جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر» فقالوا: ما أراد ، قال: «أراد أن لا يحرج أمته، أي لا يلحقها حرج في ترك الجمع». صحيح مسلم

وعلى هذا ، يجوز للمسافر أن يجمع سواء كان جاداً في السفر أم مقيماً إلا أنه إن كان جاد في السفر فالجمع أفضل. وإن كان مقيماً فترك الجمع افضل.

حكم الأذان في السفر


كان النبي ﷺ لا يدع الأذان ولا الإقامة حضراً ولا سفراً، فكان يؤذن في أسفاره ويأمر بلالاً رضي الله عنه أن يؤذن. وعن مالك بن الحُوَيرث رضي الله عنه قال: قال لنا النبي ﷺ : «وإذا حضرتِ الصلاةُ فليُؤذِّن لكم أحدُكم » .أخرجه السبعة
لذا الأرجح وجوب الأذان على المسافرين، وذلك أن النبي ﷺ قال لمالك بن الحويرث وصحبه: « إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم» . أخرجه السبعة .

صلاة الجماعة في السفر


لا تسقط صلاة الجماعة عن المسافر لأن الله تعالى أمر بها في حال القتال قال تعالى : ﴿وَإِذا كُنتَ فيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلتَقُم طائِفَةٌ مِنهُم مَعَكَ وَليَأخُذوا أَسلِحَتَهُم فَإِذا سَجَدوا فَليَكونوا مِن وَرائِكُم وَلتَأتِ طائِفَةٌ أُخرى لَم يُصَلّوا فَليُصَلّوا مَعَكَ وَليَأخُذوا حِذرَهُم وَأَسلِحَتَهُم ....﴾ [النساء: ١٠٢]

وعلى هذا فإذا كان المسافر في بلد غير بلده وجب عليه أن يحضر الجماعة في المسجد إذا سمع النداء إلا أن يكون بعيداَ أو يخاف أن تفوته رفقته .

جمع الصلاة لمن أراد السفر بعد الفريضة


إذا كان المسلم الذي ينوي السفر في بلده لم يخرج وأراد أن يسافر بعد صلاة المغرب مباشرة مثلاً ، فإنه لا يجمع ، لأنه ليس له سبب يبيح الجمع ، فهو ما زال في بلده ، أما إذا كان خارج بلده وأراد السفر بين المغرب والعشاء ،فإنه لا بأس أن تجمع المغرب والعشاء ثم تهم بالسفر .

إمامة المسافر للمقيم


يجوز للمسافر أن يكون إماماً للمقيمين، وإذا سلم يقوم المقيمون فيتمون الصلاة بعده ولكن ينبغي للمسافر الذي يريد أن المقيمين أن يخبرهم قبل الصلاة فيقول لهم : " إنا مسافرون فإذا سلمنا فأتموا صلاتكم " ، ولأن النبي ﷺ صلى بمكة عام الفتح وقال لهم:« أتموا يا أهل مكة فإنا قوم سفر» فكان يصلي بهم ركعتين وهم يتمون بعده.

صلاة المسافر خلف المقيم


إذا صلى المسافر خلف المقيم فالواجب عليه الإتمام وله صور منها :
الأولى : أن يصلي رباعية خلف من يصلي رباعية فالواجب عليه الإتمام ولو لم يدركه إلا في التشهد الأخير .
الثانية : أن يصلي رباعية خلف من يصلي ثلاثية كمسافر صلى العشاء خلف من يصلي المغرب فالواجب عليه الإتمام أيضاً .
الثالثة : أن يصلي ثلاثية خلف من يصلي رباعية فمثلا إذا أدرك المسافر الإمام المقيم في صلاة العشاء وهو لم يصل المغرب فإنه يدخل معه بنية المغرب ثم إذا قام الإمام للرابعة ثبت جالساً ثم تشهد وسلم ثم يدخل مع الإمام في الركعة المتبقية بنية العشاء ويصليها أربعاً.

الصلاة في الحضر وقد أدركه وقتها في السفر والعكس


أن العبرة بفعل الصلاة فإن فعلتها في الحضر فأتم وإن فعلتها في السفر فاقصر ، سواء دخل عليك الوقت في هذا المكان أو قبل. إذا الصلاة إن كنت مقيماً فأربع وإن كنت مسافراً فركعتين.

حكم إتمام المسافر للصلاة بعد نية القصر


إذا أتم المسافر الصلاة ناسياً فإن صلاته صحيحة ولكن يسجد للسهو لأنه زاد زيادة غير مشروعة ناسياً فإن المشروع في حق المسافر أن يقتصر على ركعتين إما وجوباً على مذهب أبي حنفية وأهل الظاهر وإما استحباباً على مذهب أكثر أهل العلم .

صلاة النوافل للمسافر


المسافر يصلي جميع النوافل سوى راتبة الظهر والمغرب والعشاء فيصلى الوتر وصلاة الليل وصلاة التراويح وصلاة الضحى وراتبة الفجر وغير ذلك من النوافل.

صلاة الجمعة للمسافر


المسافر لا تسقط عنه الجمعة إذا كان في مكان تقام فيه الجمعة، و لم يكن عليه مشقة في حضورها لعموم قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا نودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ فَاسعَوا إِلى ذِكرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيعَ ذلِكُم خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمونَ﴾ [الجمعة: ٩] فيجب على المسافر حضور الجمعة ليصلي مع المسلمين، ولا تسقط عنه صلاة الجماعة لعموم الأدلة أيضاً.

ولا تجمع العصر إلى الجمعة لعدم ورود ذلك في السنة ولا يصح قياس ذلك على جمعها إلى الظهر للفروق الكثيرة بين الجمعة والظهر والأصل وجوب فعل كل صلاة في وقتها.

كما أنه لا يجوز السفر يوم الجمعة إن كان بعد أذان الجمعة الثاني لقوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا نودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ فَاسعَوا إِلى ذِكرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيعَ ذلِكُم خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمونَ﴾ [الجمعة: ٩]

أما إذا كان السفر قبل ذلك فإن كان سيصلى الجمعة في طريقه مثل أن يسافر من بلده وهو يعلم أنه سيمر على بلد آخر في طريقه ويعرج عليه ويصلي الجمعة فيه ، فهذا لا بأس به وإن كان لا يأتي بها في طريقه ، فمن العلماء من كرهه ومن العلماء من حرمه ومن العلماء من أباحه وقال إن الله تعالى لم يوجب علينا الحضور إلا بعد الأذان والأحسن ألا يسافر إلا إذا كان يخشى من فوات رفقته.

لا تنس ذكر الله
سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية