حكم التصوير الفوتوغرافي والتصوير بالهاتف النقال

حكم التصوير الفوتوغرافي والتصوير بالهاتف النقال

حكم التصوير الفوتوغرافي والتصوير بالهاتف النقال



اختلاف العلماء في النوازل


اختلف أهل العلم في هذا الزمان في حكم الصور الفوتوغرافية وهذه المسألة من النوازل التي يسوغ فيها الخلاف ولا يسوغ فيها الإنكار والذم لأنه لم يرد فيها نص صريح وتتجاذبها الادلة.

وقد اختلف أئمة السلف في كثير من المسائل النازلة في زمانهم وكل ذهب مذهبا ونصر قوله ولم يشنع على المخالف وكان الأمر واسعا عندهم والذي يظهر لي أن الخلاف في التصوير العصري من جنس المسائل التي اشتد الخلاف في حرمتها ثم خف بعد ذلك الخلاف فيها وانتشر القول بإباحتها ثم استقر العمل على الإباحة واندثر الخلاف وأصبح من التاريخ كاختلافهم في حكم شرب القهوة واستعمال البرقية وغيرها مما حدث أو اكتشف في الأزمنة المتأخرة.

حكم التصوير العصري


التصوير العصري بكل أنواعه الفوتوغرافي والتلفزيوني عمل مباح لا حرج فيه شرعا إن خلا من المحظور ولم يترتب عليه مفسدة ولا يدخل في نصوص الوعيد الواردة في التصوير .

أسباب اباحة التصوير العصري


ولا تتحقق فيه علة النهي للوجوه الآتية:

  1. أن آلة التصوير عند التأمل لم تصنع صورة مستقلة مغايرة للإنسان المصور ولم تضف لها شيئا خاصا وإنما حقيقة الصورة هنا انعكاس للصورة الحقيقية في الواقع بوسيلة مطابقة عن طريق حبس الظل من جنس عمل المرآة فلا تصدق عليها وصف الصورة الممنوعة شرعا والممنوع هو صنع الصورة لما روى جابر رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصور في البيت ونهى أن يصنع ذلك».

  2. أن المصور بآلة التصوير لم يحدث خلقا جديدا يضاهي به خلق الله ولم يتفرد في صنع هذه الصورة وإنما قام بتوثيق الصورة الحقيقة فلا ينطبق فيه الوعيد يوم القيامة الوارد في صحيح مسلم: «يا عائشة إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم».

    وعلة النهي منازعة الله في وصف التصوير فالله جل جلاله المصور لأنه متفرد في الخلق والتصوير وهذا داخل في توحيد الربوبية ومن نازع الله في هذه الصفة فقد تعرض للوعيد واللعن. ولذلك لا يظهر حذق المصور وإبداعه في الصورة الفوتوغرافية ولا ينسب الناس الصورة له فكل الناس يستطيعون هذا الفعل والتصوير المحرم هو حرفة خاصة للرسامين والنحاتين يتقاضون عليها أجور عالية لما فيها من إتقان المحاكاة والتشبيه لخلق الله.

  3. أن الوصف الدقيق لآلة التصوير أنها آلة عاكسة لصورة الإنسان وما تقوم به من عملية تسمى عكس كما كان يسمى به في بعض النواحي وتسميتها بآلة التصوير وما تنتجه بالصور فيه تجوز وتسامح من قبل اللغة والعرب تتوسع في تسمية الأشياء ولا يصدق عليه الاسم الشرعي الوارد في النصوص وتفسير الإسم الشرعي بالعرف اللغوي لا يسوغ وهو مسلك خاطئ ولفظ التصوير والصورة الوارد في النصوص كان معناه معهودا في زمن التنزيل والمراد به ما يصنعه الإنسان من صورة جديدة لذوي الأرواح وهذا هو فهم الصحابة رضي الله عنهم ولذلك لما سئل ابن عباس رجل يتكسب بصنع الصور نهاه وقال: «فإن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له».
    أما التصوير المعاصر فهو حادث ولم يكن يعرفه السلف ولا تتناوله النصوص وبعض أهل العلم وقع له اشتباه في الاشتراك بالاسم فألحق التصوير اللغوي بالتصوير الشرعي والعبرة بالمعاني لا بالأسماء والأسماء قد يتغير إطلاقها والمعاني ثابتة والشارع علق الأحكام بالمعاني والناس قد اصطلحوا على تغيير الأسماء الشرعية لكثير من المحرمات ومع ذلك لا يزول حكم التحريم عنها.

  4. أن هذا التصوير ليس من وسائل الشرك التي ينشأ الغلو فيها ولا تتعلق بها النفوس السوية وليست من جنس الصور التي صورها قوم نوح لصالحيهم فلا تتحقق فيه علة النهي في التصوير الممنوع ولذلك هذه الصور لا تحدث أي معنى للتأله والتقرب عند أسوياء الناس بخلاف التصوير المنهي عنه الوارد في النصوص فإنه غالبا يحدث الغلو في المعظم مما يكون سببا في عبادته والتعلق به أما هذه الصور فلا محظور فيها في باب الإعتقاد.

  5. أن التصوير الفرتوغرافي يترتب عليه في الحياة المعاصرة آثار حسنة وفوائد ظاهرة من التأريخ والتوثيق والتعليم والأمن وغير ذلك من المصالح الكثيرة التي تربو على المفاسد القليلة المتوهمة والشريعة لا تحرم أمرا يشتمل على مصالح وفوائد للخلق لما فيها من التيسير ودفع الحرج عنهم وكثير من الأعمال اليوم في سائر المجالات قائمة على التصوير الفوتوغرافي وغيره.

  6. الأصل في العادات الإباحة والتوسعة وعدم تحريم تصرف معين والتشديد في منعه إلا بنص صحيح صريح في دلالته ولا يستدل بنص على تحريم أمر حادث يتنازع الفقهاء في دلالته ومطابقته لصورة الواقع ومن عدها من الكبائر فقوله غريب لأن الشارع الحكيم يبين الكبيرة بيانا تاما لا التباس فيه عند المكلفين وإلحاق الصور العصرية بالأصل مشكوك فيه ومختلف في حكمه والكبيرة التي يترتب عليها الوعيد لا تثبت بأمر مشكوك ومختلف فيه وإنما تثبت باليقين الذي لا يخالفه أدنى شك والأصل براءة الذمة.

والقول بالإباحة عام في كل أنواع التصوير العصري سواء كان بالكاميرا أو الفيديو أو المونتاج أو الجوال ولا دليل على التفريق بينها في الحكم لأن ما ذكروه من الفرق غير مؤثر عند التأمل لأن الصورة بالفيديو والجوال يمكن توقيفها وتثبيتها في أي شاشة عرض كما هو واقع وكذلك يمكن نسخها في طابعة على ورقة والعمل جار على هذا فمحصلها ومآلها واحد ولذلك بعض من يحرم التصوير يمنعه جميعا حتى في الفيديو والجوال والبعض يتوقف فيه والبعض يرخص فيه مما يدل على اضطراب هذا القول وضعفه.

التصوير المحرم الذي نهى الله عنه


وإنما التصوير المحرم الذي نهى الله عنه هو ما كان من فعل الإنسان وتصرفه بحيث يصنع صورة تضاهي خلق الله كالنحت والرسم لصورة مستقلة لذوي الروح فهذا هو الذي وردت فيه الأحاديث والآثار.

والحاصل أنه يجوز لك تصوير أطفالك في الجوال لغرض الذكرى أو غير ذلك من الأغراض ولا حرج في ذلك إن شاء الله. أما تصوير المرأة في الجوال فجائز إذا كان الجوال بمأمن عن الرجال الأجانب وينبغي على المرأة أن تحتاط وتحذر من تسرب صورها عن طريق فقد الجوال أو اختراقه فإن كان يغلب على ظنها حماية الجوال وعدم تمكن الغير من فتحه فلا حرج عليها وإن كان يغلب على ظنها ضعف حماية الجوال وسهولة فتحه فلا يحل لها والأفضل أن تحتفظ بصورها في ذاكرة مستقلة وإن تركت التصوير وأغلقت هذا الباب فهذا من الورع الحسن ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. ويحرم على المرأة إرسال صورها عبر مواقع التواصل لئلا يطلع عليها الرجال وتجلب لنفسها وأهلها العار وتستغل من قبل أهل القلوب المريضة وتشوه سمعتها وقد تساهل كثير من النساء في تصوير الأفراح والمناسبات ولا شك أن نشر عورات المسلمين وفضائحهم من إشاعة الفاحشة بين المؤمنين وقد توعد الله من يفعل ذلك بالعذاب الأليم.
والله أعلم

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية