مراحل الدعوة الإسلامية

مراحل الدعوة الإسلامية

مراحل الدعوة الإسلامية


الدعوة الإسلامية

بعث الله محمد - عليه الصلاة والسّلام إلى قريش في فترة كانت تخلو منها الرسالات والشرائع، وقد مرت الدعوة الإسلامية في ذلك الوقت بعدد من المراحل؛ وذلك تمهيداً لتمكين الأمة الإسلامية من الدعوة إلى الله على الوجه الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى لذلك، وكان لكل مرحلة من تلك المراحل أهميتها في استمرار الإسلام وعلو شأنه، فقد يسر الله عزَّ وجلّ الوسائل والسبل اللازمة لإنجاح هذه الدعوة وضمان ديمومتها واستمرارها؛ وذلك مصداقاً لوعده الحق الذي جاء في كتابه العزيز، وحتى يتم أمره الذي جعله خاتم الديانات والشرائع السماوية.

معنى الدعوة


الدعوة لغةً:

مصدر دَعَوَ، أما معناها فأن تُميل الشيء إليك بصوت وكلام يكون منك، يقال: دعوت أدعو دعاء، والدعوة إلى الطعام، والدعوة في النسب بالكسر.

الدعوة في الاصطلاح الشرعي لها مجموعة من المعاني منها :

الدعوة بمعنى الإيمان بالله: فإن الدعوة إلى الله تعني الإيمان به وبما جاء به الرسل عنه سبحانه وتعالى في الكتب السماوية، والإيمان بآخر الأنبياء والرسل خصوصاً وبكتابه ودينه الذي ارتضاه الله لنا.
يتضمن ذلك الإيمان بكل ما يلزم تمام وصحة إيمانه من الدعوة للإيمان بالله وتوحيده وتقديسه، وتنزيهه والإيمان بملائكته وكتبه ورسله وأنبيائه، والتصديق بجميع ما أمر به الخلق من الصلاة والصيام، والزكاة، والحج، وسائر العبادات والمعاملات.

الدعوة بمعنى جماعة المسلمين :

ويُقصد بها ما جاء به النبي محمد - عليه الصلاة والسلام ؛ أي هي حركة إحياء للنظام الإلهي الذي بعث به الله - عز وجل - نبيه محمد ـ عليه الصلاة والسلام وأمره بتبليغه للأمة، وهو ما قامت الأمة الإسلامية عليه من القواعد والأسس والأنظمة والتشريعات.

مراحل الدعوة الإسلامية

مرت الدعوة الإسلامية بمرحلتين رئيستن؛ هما المرحلة السريّة والمرحلة الجهريّة، وكانت حوادثهما وتفصيلاتهما على النحو الآتي:

مرحلة الدعوة السرية

استجاب رسول الله - عليه الصلاة والسّلام لأمر ربه بعد أن أمره بالدعوة عن طريق جبريل عليه السلام فبدأ بدعوة أهل مكة للإيمان بالله وحده والكفر بالأصنام وجميع المظاهر الشركية التي كانت منتشرة في ذلك الوقت، لكن دعوته في تلك الفترة كانت سرّاً؛ وذلك حذراً من ردّة فعل قريش إذا ما علموا بظهور الإسلام وانتشاره، فقد كانت قريش مُتعصبة لعبادتها ووثنيتها وأصنامها فاقتصرت دعوة النبي في تلك المرحلة على من كانت تربطه علاقة وثيقة بالنبي
عليه الصلاة والسّلام حتى يضمن سرية ما دعاه إليه حتى إن لم يُجبه إليه، لذلك يظهر أنَّ أوّل من آمن بالنبي عليه الصلاة والسّلام في هذه المرحلة هم أقرب الناس إليه، وكان أولهم على الإطلاق زوجه خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وابن عمه علي بن أبي طالب، ومولاه زيد بن حارثة وأبا بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة، وعثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص وغيرهم رضى الله عنهم جميعاً.

كان هؤلاء الصحابة - رضوان الله عليهم جميعاً إذا ما أرادوا الالتقاء برسول الله ـ عليه الصلاة والسلام يلتقون به سراً، وكانوا إذا ما أرادوا مُمارسة العبادات لجؤوا إلى شعاب مكة حتى لا يراهم أحد من كفار قريش، ولما زاد عدد المسلمين في هذه المرحلة عن الثلاثين ما بين رجال ونساء رأى رسول الله عليه الصلاة والسلام أن يجعل لهم مكاناً خاصاً للعبادة بعيداً عن أعين ،قريش، فاختار لهم دار الأرقم بن أبي الأرقم، وكان فيها يلتقي بهم فيُرشدهم ويُعلّمهم أمور دينهم، وقد بلغ المسلمون في هذه المرحلة قرابة الأربعين، معظمهم من الفقراء والعبيد والضعفاء الذين ليس لهم شأن في قريش.

مرحلة الدعوة الجهرية

لما فشى الإسلام في مكة وازداد عدد المسلمين وأصبحت قريش تتحدث به أمر الله - سبحانه وتعالى رسوله الكريم أن يجهر بالدعوة وبما جاءه من الحق، وكان ذلك بعد ثلاث سنوات من بعثة النبي - عليه الصلاة والسلام حيث جاء في ذلك قول الله تعالى: ﴿فَاصدَع بِما تُؤمَرُ وَأَعرِض عَنِ المُشرِكينَ﴾ [الحجر: ٩٤]
كما قال تعالى: ﴿وَأَنذِر عَشيرَتَكَ الأَقرَبينَ۝وَاخفِض جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤمِنينَ۝فَإِن عَصَوكَ فَقُل إِنّي بَريءٌ مِمّا تَعمَلونَ﴾ [الشعراء: ٢١٤-٢١٦]

جهر رسول الله - عليه الصلاة والسلام بالدعوة تنفيذاً لأمر الله - سبحانه وتعالى، فعمد إلى جبل الصفا حتى وقف عليه، ثم جعل ينادى: «يا بَنِي فِهْرٍ، يا بَنِي عَدِيٍّ -لِبُطُونِ قُرَيْشٍ- حتَّى اجْتَمَعُوا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَخْرُجَ أرْسَلَ رَسولًا لِيَنْظُرَ ما هُوَ، فَجَاءَ أبو لَهَبٍ وقُرَيْشٌ، فَقالَ: أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا بالوَادِي تُرِيدُ أنْ تُغِيرَ علَيْكُم؛ أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: نَعَمْ، ما جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إلَّا صِدْقًا، قالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، فَقالَ أبو لَهَبٍ: تَبًّا لكَ سَائِرَ اليَومِ، ألِهذا جَمَعْتَنَا؟! فَنَزَلَتْ: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ﴾ »

ثم بعد ذلك بدأ النبي - عليه الصلاة والسلام بدعوة أهله وقرابته فجمعهم إليه ودعاهم للإسلام، فقال:« يا بَنِي كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يا بَنِي مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يا بَنِي عبدِ شَمْسٍ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يا بَنِي عبدِ مَنافٍ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يا بَنِي هاشِمٍ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يا بَنِي عبدِ المُطَّلِبِ، أنْقِذُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ، يا فاطِمَةُ، أنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ، فإنِّي لا أمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شيئًا، غيرَ أنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّها ببَلالِها».

فأدبر أهل قريش عن النبي وتنكروا لدعوته مُدعين أنهم لا يستطيعون ترك دينهم الذي ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، ثم بعد ذلك انتقلت الدعوة الإسلامية من السرّ إلى العلن ومن الخوف إلى المواجهة، فعذب من آمن بمحمد - عليه الصلاة والسلام ووُجه النبي بكافة أشكال الصدّ والتنكيل والتضييق، حتى جاء أمر الله للنبي ومن معه من المُسلمين بالهجرة إلى المدينة.

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية