من هم جند الله

من هم جند الله

جند الله


عظيم قوة الله وجبروته


قال الله سبحانه وتعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾[آل عمران: 26، 27], العزة له, والجبروت له, والكبرياء له, والسلطان له, والملك له, والحكم له, والقوة له, أشرقت لنوره السماوات والأرض, فالله نور السماوات والأرض, لا تراه في الدنيا العيون, ولا تخالطه الأوهام والظنون, ولا تغيره الحوادث, يعلم مثاقيل الجبال, ومكاييل البحار, وعدد قطر الأمطار, وعدد ما أظلم عليه الليل وأشرق عليه النهار, ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾[الأنعام: 59].

له جنود السماوات والأرض؛ يرحم بهم من يشاء, ويعذب بهم من يشاء, وهي لا تصيب أحداً إلا بإذن الله, قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ"


متفرد بالكبرياء
            فليس يشبهه أحد

لو شاء أغلق بابه
            عمن عصاه ومن جحد

طوبى لعبدٍ صالحٍ
             لجلال سيده سجد

نماذج لجند من جند الله تعالى


من جند الله: الملائكة, خلقهم أصنافًا, وجعل لهم مهامًا وأعمالًا يقومون بها على أكمل وجه؛ ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾[التحريم: 6].

من جند الله: الريح سلطها على عاد عندما تكبروا وجحدوا؛ ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ﴾[الحاقة: 5 - 8], وهذه الريح اسمها الدبور, لما رأوها في عنان السماء قالوا: ﴿هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾[الأحقاف: 24]؛ فقال الله -عز وجل-: ﴿بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾[الأحقاف: 24- 25].

وسلطها الله -تعالى- على المشركين في غزوة الأحزاب, لكنها أقل من ريح عاد؛ رحمة من الله ولحكمة يريدها, أرسلها بقدر محدود لم تهلك أحداً, ولكنها كانت باردة وفيها قوة, اقتلعت الخيام, وأكفأت القدور, وأطفأت النار, وأدخلت الرمال في عيون الكفار؛ فهربوا وقال أبو سفيان: "إني راحل فأرحلوا", قال الله -تعالى-: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾[الأحزاب: 9], وقال -صلى الله عليه وسلم-: "نُصِرْتُ بالصَّبا، وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبُورِ"

ومن جند الله: الطير, سلطها على أبرهة وهو في طريقه لهدم الكعبة؛ ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ﴾[الفيل: 1 - 5].

الأمراض من جند الله تعالى


الماء من جند الله, والنار من جند الله, والجراد والقمل والضفادع, والدم والنمل, والخسف والرجف, والصواعق والزلازل, والبراكين والفيضانات, والفقر والجوع, والمرض؛ المرض بأنواعه وأصنافه ودرجاته, والفيروسات والمايكروبات كلها من جند الله!.

في قمة الجاهزية تحت مشيئة الله الواحد الأحد, يقهر بها من يشاء, ويبتلي بها من يشاء, لا يبيدها أحد من الخلق, ولا يفنيها أحد من الناس مهما كانت مبيداته وتحصيناته, يهلك بها الجاحدون الملحدون المنكرون المعرضون, وقد يسلطها على المؤمنين ابتلاء ومحنة ورفع درجات؛ كما في طاعون عُمواس في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-, وهو وباء عمَّ المسلمين في بلاد الشام في عمواس, حتى قيل: أنه مات فيه ثلاثون ألفًا, وقيل: سبعون ألفًا في ثلاثة أيام, منهم جماعات من سادات الصحابة -رضي الله عنهم-؛ مثل معاذ بن جبل, وأبي عبيدة الجراح, ويزيد بن أبي سفيان, وشرحبيل بن حسنة, وأبو جندل سهل بن عمر, وأبوه والفضل بن العباس -رضي الله عنهم أجمعين-.

وقد أخبر به -صلى الله عليه وسلم- قبل وقوعه, وعده من علامات الساعة؛ ففي حديث عوف بن مالك -رضي الله عنه- قال: أَتَيْتُ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- في غَزْوَةِ تَبُوكَ وهو في قُبَّةٍ مِن أَدَمٍ، فَقالَ: "اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ؛ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لا يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ العَرَبِ إلَّا دَخَلَتْهُ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بيْنَكُمْ وبيْنَ بَنِي الأصْفَرِ؛ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا"

فضل الصبر على المرض


والله -عز وجل- إذا ابتلى بالوباء أو بالطاعون المسلمين والمؤمنين فإنه لهم رحمة, ورفعة ومغفرة وشهادة؛ فعن عائشة -رضي الله عنها-: أنَّهَا سَأَلَتْ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عَنِ الطَّاعُونِ، فأخْبَرَهَا نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: "أنَّه كانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ علَى مَن يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فليسَ مِن عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ في بَلَدِهِ صَابِرًا، يَعْلَمُ أنَّه لَنْ يُصِيبَهُ إلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ له؛ إلَّا كانَ له مِثْلُ أجْرِ الشَّهِيدِ"

ومن مات به من المؤمنين فهو له شهادة ويعتبر من جملة الشهداء؛ كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "فليسَ مِن عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ في بَلَدِهِ صَابِرًا، يَعْلَمُ أنَّه لَنْ يُصِيبَهُ إلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ له؛ إلَّا كانَ له مِثْلُ أجْرِ الشَّهِيدِ", وقال -صلى الله عليه وسلم-: "الطَّاعُونُ شَهادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ"

أما الوباء على الكافرين والملحدين والمعرضين؛ فإنه عذاب وسخط ولعنات ومقدمات لعذابهم الأكبر عند الله -تعالى-: ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾[النحل: 33], ظلموا أنفسهم بالكفر, ظلموا أنفسهم بالشرك والنفاق والجحود, ظلموا أنفسهم بالزنا والخمور واللواط والشذوذ, ظلموا أنفسهم بحرب دين الله, ظلموا أنفسهم بحرب المسلمين وقتلهم وتشريدهم من ديارهم؛ فأملهم الله ثم صب عذابه وغضبه عليهم ﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾[العنكبوت: 40].

ووالله لن ينفك عنهم عذاب الله لا في الدنيا ولا في الآخرة؛ فإنهم تحت قهره وسطوته وسلطانه ﴿وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾[الرعد: 31].

ما ينبغي للمؤمن عند الوباء


إن الله يصيب بالطاعون من يشاء, ويصرفه عمن يشاء, إنه جند من جنود الله, والمؤمن في هذه الحال لا يخاف إلا من الله, ولا يرجو إلا الله, فإن الله يصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء, المؤمن يرفع يديه إلى الله ويقول: "يا لطيف يا حليم يا كريم يا رؤف يا رحيم, يا ودود يا ذو العرش المجيد, يا فعّال لما يريد, يا مبدئ يا معيد, يا حي يا قيوم: اصرف عنا الوباء اصرف عنا البلاء, ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾[التوبة: 51], ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[المائدة: 23], ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾[الطلاق: 3]؛ أي: كافيه, حسبنا الله ونعم الوكيل.

على المسلم أن يلجأ إلى الله ويحفظ حدوده ولا يغتر بما عليه أهل الكفر والفجور؛ فإن الله لهم بالمرصاد, وعلى المسلم أن يأخذ احتياطاته بقدر المستطاع من الدعاء ومن النظافة الذاتية ومن عدم الورود على أرض الوباء, فالله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين, ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ * وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾[الذاريات: 50، 51].

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية