واجب المسلمين تجاه فلسطين

واجب المسلمين تجاه فلسطين

واجب المسلمين تجاه فلسطين


السؤال: ما هو واجب المسلمين تجاه فلسطين والمسجد الأقصى في ظل المؤامرات والاعتداءات الغاشمة التي تحدث بين الحين والآخر؟


الجواب: المسجد الأقصى الشريف أولى القبلتين وسوف يظل حيًا في قلب كل عربي وكل مسلم، وسوف يبقى ركنًا ركينًا من أركان الهوية العربية والإسلامية ، فهو القبلة الأولى للمسلمين في العهد النبوي الأول، وهو المكان الذي شرفه الله عزّ وجلّ فجعله نهاية مسرى نبيه الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبداية معراجه إلى السماوات العُلَا. قال الله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1].

والله وصف سبحانه وتعالى هذه البقعة من الأرض بـ"المباركة" في أكثر من موضعٍ في كتابه العزيز؛ من ذلك الآية الأولى من سورة الإسراء السابق ذكرها، ومن ذلك أيضًا قوله تعالى في حق سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 71].  

وهذا المكان المبارك جمع اللهُ الأنبياءَ جميعهم، يتقدمهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلى بهم إمامًا؛ ليكون ذلك إعلانًا للخلافة التامة له صلى الله عليه وآله وسلم وإكمالًا للبيت النبوي بخاتم المرسلين؛ مصداقًا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟» قَالَ: «فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّين» متفقٌ عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.


فضل الصلاة فيه:

جعله النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أَحَدَ ثلاثِ مساجد في الإسلام لا تشد الرحال بقصد تحصيل مزيدِ ثوابٍ للصلاة فيها إلا إليها؛ فقال: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى» متفقٌ عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

والصلاة فيه سبب مغفرة الذنوب فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا: حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ»

والصلاة فيه تعدل خمسمائة صلاة فعن أبي الدرداء وجابر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة، وفي مسجدي هذا ألف صلاة وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة» أخرجه البيهقي في السنن الصغرى رقم (1821) وصححه الألباني في صحيح الجامع (4211)


أرض المحشر والمنشر:

وفي بيت المقدس الأرض التي يُحشَر غليها العباد، ومنها يكون المنشر، فعن ميمونة بنت سعد مولاة النبي صَلَى اللهُ عَليهِ وَسلَّم قالت: يا نبي الله أفتِنا في بيت المقدس. فقال: «أرض المحشر والمنشر» صححه الألباني في فضائل الشام ودمشق للربعي.

هذه الأحاديث النبوية العظيمة جعلت المسلمين يهتمون بالقدس والمسجد الأقصى من الفتح العمري إلى تحرير صلاح الدين له، وفي المسجد الأقصى آثار وشواهد على اهتمام الدول الإسلامية من الأمويين والعباسيين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين به.

وفي العصر الحديث تعرض المسجد الأقصى للظلم والطغيان والانتهاكات من قبل الاحتلال الصهيوني، وما يزال هذا الظلم مستمراً حتى يومنا هذا، فقد تعرض للإحراق، ومحاولات الإغلاق ومنع المصلين من دخوله، والتشديدات في دخوله، واستباحة الكيان الصهيوني للمسجد الأقصى، والتضييق على أهل القدس، والحفريات التي تجري أسفل المسجد الأقصى، ومخططات بناء الهيكل المزعوم وغير ذلك.
فأول ما يجب على الأمة الإسلامية اليوم سلوكه تجاه المسجد الأقصى عودتها إلى دينها، فالله سبحانه وتعالى قد وعد عباده المؤمنين بالتمكين والاستخلاف في الأرض؛ قال الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ النور/55، وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ الحج/41، ولنا في التربية على تعاليم الإسلام خير مثال يحتذى به فقد أنتجت تلك التربية جيلاً ربانياً خرج منها نور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي فكانا سببا في تحرير المسجد الأقصى وتطهيره من دنس الغاصبين.

وعودة الأمة إلى دينها تحتاج إلى إنعاش الحركة العلمية التربوية الدعوية، وإعادة دور مجالس العلم والتربية، وتركيز الاهتمام بمناهج التربية والتعليم في المدارس والجامعات، وتوجيه الأسر والبيوت لتقوم بواجبها الصحيح، وتطوير وسائل التواصل مع الشباب في ظل الثورة العلمية والتكنولوجية، وبناء القوة الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية للدول العربية والإسلامية.

ويستطيع المسلمون اليوم القيام بدورهم تجاه المسجد الأقصى من خلال مراعاة ما يأتي:
  • أولاً: تعليم الأجيال فضائل المسجد الأقصى، والبطولات الإسلامية التي جرت على أرضه، والظلم والاحتلال الذي يتعرض له اليوم.

  • ثانياً: تذكير المسلمين في أنحاء العالم بقضايا المسجد الأقصى ومشكلاته عبر المؤتمرات والندوات والشاشات الفضائية والإذاعات ووسائل التواصل الاجتماعي.

  • ثالثاً: تعريف العالم كله بمشكلات المسجد الأقصى وما يتعرض له من انتهاكات.

  • رابعاً: القيام بإيصال التبرعات المادية إلى المسجد الأقصى وأهلنا في القدس؛ دعماً لهم وتثبيتاً لصمودهم.

  • خامساً: المساهمة في بناء المشاريع العلمية والتربوية والخيرية لأهلنا في القدس.

  • سادساً: الدعاء بفك أسر المسجد الأقصى وتثبيت أهلنا في القدس.

  • سابعاً: أن يتحد المسلمون من الداخل، امتثالاً لقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} آل عمران/103.

وختاماً؛ نسأل الله تعالى أن يعيد أمتنا إلى دينها، وأن يستعملنا في رفع راية دينه، وأن يرينا نصره العزيز أمام ساحات المسجد الأقصى.


المصدر: فتاوى دار الإفتاء المصرية
فتاوى دار الإفتاء الأردنية
بتصرف واختصار

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :



عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية