رمضان شهر العمل

رمضان شهر العمل
الفئة: رمضانيات

رمضان شهر العمل


العبادة والعمل في الإسلام صنوان لا يفترقان وقيمتان متلازمتان ، فالعبادة عمل يسعى به المسلم إلى إرضاء ربه ومولاه ، وهي المقصد الأسمى والأعلى من خلق الإنسان ، قال سبحانه : ﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ۝ما أُريدُ مِنهُم مِن رِزقٍ وَما أُريدُ أَن يُطعِمونِ۝إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتينُ﴾ [الذاريات: ٥٦-٥٨]

العمل عبادة


والعمل عبادة لأنه يحقق معنى الاستخلاف في الأرض الذي هو الغاية أيضا من خلق الإنسان ، قال عز من قائل : ﴿هُوَ أَنشَأَكُم مِنَ الأَرضِ وَاستَعمَرَكُم فيها فَاستَغفِروهُ ثُمَّ توبوا إِلَيهِ إِنَّ رَبّي قَريبٌ مُجيبٌ﴾ [هود: ٦١]

لذا فقد ربط سبحانه بين الصلاة كعبادة والسعي في الأرض كعبادة أيضاً ، قال تعالى : ﴿فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِروا فِي الأَرضِ وَابتَغوا مِن فَضلِ اللَّهِ وَاذكُرُوا اللَّهَ كَثيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحونَ﴾ [الجمعة: ١٠]

وربط النبي صلى الله عليه وسلم بين الصوم والعمل ، فعن أبي سعيد المقبري ، قال : حدثني أسامة بن زيد : قال : قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان قال: «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» . أخرجه أحمد ٢٠١/٥ ( ٢٢٠٩٦ ) ، و " النسائي " ٢٠١/٤ .

لذا فقد رفض صلى الله عليه وسلم جعل الصوم تكأة وحجة لترك العمل ، والتعلل به وجعله سبيلا إلى العنت والمشقة ، عن جابر بن عبد الله ، قال :« خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ، عام الفتح ، في رمضان ، فصام حتى بلغ كراع الغميم ، فصام الناس ، فبلغه أن الناس قد شق عليهم الصيام ، فدعا بقدح من الماء بعد العصر فشرب ، والناس ينظرون ، فأفطر بعض الناس ، وصام بعض، فبلغه أن ناسا صاموا ، فقال : أولئك العصاة» . أخرجه " مسلم " ١٤١/٣ ( ٣٥٧٩ ) و " النسائي " ١٧٧/٤ ، وفي " الكبـرى " ٣٥٨٣ .

تحويل رمضان الى شهر كسل وتراخ


إن المسلمين هم الذين حولوا هذا الشهر إلى شهر كسل وتراخ بما يسهرونه من الليل وينامونه من النهار ، ولو أنهم صاموا حق الصيام ، وتحروا الوصول إلى مقاصد الصيام العظيمة لتحقق للأمة في هذا الشهر من الكفاية الإنتاجية ما يكفيها باقي السنة . وتاريخ المسلمين الطويل شاهد على أن هذا الشهر هو شهر الإنتاج والعمل ، وشهر الانتصارات الكبرى ، حين تهب ريح الإيمان ، ونسمات التقوى ، وتتعالى صيحات الله أكبر فيتنزل النصر من الله تعالى ، على قلة العدد وقلة العدد.

أشهر إنتصارات المسلمين في رمضان


ومن أشهر الانتصارات الكبرى للمسلمين في شهر رمضان :

معركة بدر الکبری: في العام الثاني من الهجرة ، وفي شهر رمضان المبارك وقعت معركة هي من أهم المعارك الإسلامية ، كيف لا وهي المعركة الأولى التي فصل الله فيها بين الحق والباطل ، فكانت كلمة الله هي العليا وكلمة الباطل السفلى؟! كيف لا وهي أولى معارك الدولة الإسلامية ؟! ولولا أن الله كتب النصر في هذه المعركة لدينه ونبيه وجنده لإندثر الإسلام ولم تقم له قائمة ، كما كان يخاطب النبي صلى الله عليه و سلم ربه " : «اللهم إن تهلك هذه العصابة ، فلن تعبد في الأرض » .

فتح مكة :
وفي رمضان في السنة الثامنة للهجرة ، كان الفتح الأعظم ، فتح مكة المكرمة ، وتطهيرها من الرجس والأوثان والمشركين ، وعلت كلمة الحق في حرم الله ، وعاد إليها رسول الله صلى الله عليه و سلم ، هو وصحبه بعد ثماني سنوات قضوها في المدينة مجاهدین ناشرين لدين الله .

موقعة البويب : وفي شهر رمضان من العام الثالث عشر في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كانت موقعة " البويب " على ضفاف نهر الفرات في بلاد فارس ، بوصية من أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و كان قائد المسلمين المثنى بن حارثة ، و انتصر المسلمون على الفرس ، وارتفع فيها لواء الإسلام .

فتح الأندلس :
وفي رمضان عام ٩٢ هـ ، فتحت الأندلس على يد طارق بن زياد ، بعد أن انتصر المسلمون على جيوش القوط بقيادة روزريق ، و كان يوما من أيام الله المباركة ، و سيطر فيها طارق على الجبل الذي سمي باسمه .

فتح عمورية :
وفي الشهر الكريم من عام ٢٢٣ هـ كان فتح عمورية ، إحدى أقوى وأمتن الحصون الرومية آنذاك ، كانت الجحافل الإسلامية في هذا الفتح تحت قيادة الخليفة العباسي المعتصم بالله ، و سبب هذا الفتح العظيم أن الروم أغاروا على المسلمين ، وأسروا منهم أعدادا كبيرة ، ووصل إلى المعتصم خبر استنجاد امرأة مسلمة به ، بقولها : " وامعتصماه " ولم كد يسمع هذه الاستغاثة حتى جهز جيشا جرارا ، وأعده بعدة و عتاد لم يسمع له مثيل من قبل على مر التاريخ ، و سار على رأس الجيش إلى عمورية ملبيا النداء ، وهزم الروم و فتح عمورية .

عين جالوت :
وفي رمضان عام 658 هـ دارت معركة عين جالوت على أرض المسرى فلسطين الحبيبة ، و كانت هذه المعركة بين المسلمين المماليك بقيادة القائد المملوكي الفذ المظفر قطز ، وبين المغول الهمجيين ، الذين عاثوا فسادا في أرض المسلمين ، وزرعوا الخوف والرعب في نفوسهم ، وكان النصر حليف المسلمين ، وكسر القائد مظفر قطز حاجز الخوف وأباد الجيش المغولي ، وهزمه شر هزيمة .

فتح أنطاكية :
وفي شهر رمضان من العام 666 هـ كان فتح إمارة أنطاكية ، عاصمة الصليبيين في بلاد الشام ، وكان قائد المسلمين في هذا الفتح العظيم السلطان الظاهر بيبرس ، الذي كتب على يديه هزيمة الصليبيين والمغول من قبلهم ، ورفعة الإسلام والمسلمين .

معركة شقحب : وفي العام ٧٠٢ هـ في الشهر المبارك أيضا ، كانت معركة شقحب ، على مشارف مدينة دمشق ، بين المسلمين بتحريض من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وبين المغول ، بعد أن استباحوا ديار المسلمين مرة أخرى . وأقسم شيخ الإسلام على الله أن يكون النصر للمسلمين ، ثم أمر المسلمين بالإفطار ليتقووا على عدوهم ، وفعلا أبر الله بقسم ذلك العالم العابد المجاهد ، ونصر جند الحق وخذل المغول ، فتحقق نصر آخر للمسلمين في هذا الشهر الكريم .

فلنجعل من شهر رمضان فرصة لإتقان العمل لأن إتقان العمل دليل على التقوى والتربية على التقوى أول أهداف الصيام .

المرجع: كتاب مقالات رمضانية للكاتب بدر عبدالحميد هميسة

لا تنس ذكر الله
أستغفر الله
0 / 100

إقرأ المزيد :



الفئة: رمضانيات
عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية