من هم الخوارج؟

من هم الخوارج؟

من هم الخوارج؟


مقدمة

في ظل الأحداث كثر تداول مصطلح الخوارج فكل يرمي مخالفه بأنه خارجي وفي هذه الدقائق أذكر صفات ومعتقد هذه الفرقة ليستبين لنا - إن شاء الله - من هم الخوارج.

وقبل ذلك أذكر أن بذرة الخوارج نشأة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ففي حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - جاء عبدالله ذو الخويصرة التميمي فقال "اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ..." رواه البخاري (6933) ومسلم (1063)

وبعد ما جرى بين علي - رضي الله عنه - من جهة ومعاوية وعمرو بن العاص من جهة في موقعة صفين ورفع أصحاب معاوية المصاحف طلباً للتحكيم ثم رضوا بالتحكيم وأن يرجع معاوية للشام وعلي للكوفة خرجت الخوارج على علي وكانوا معه فكفروه لأنه رضي بالتحكيم والله يقول ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44] وطلبوا منه التوبة من الكفر واجتمعوا بحروراء وأرسل علي ابن عباس - رضي الله عنه - لمناظرتهم ثم رجع منهم خلق كثير ثم استباحوا دماء مخالفيهم فقتلوا من اجتاز بهم من المسلمين فمر بهم عبد الله بن خباب بن الأرت ومعه سرية وهي حامل فقتلوه وبقروا بطن سريته عن ولد فبلغ عليا فخرج إليهم وحصل بينهم واقعة النهروان ونال منهم ولم يبق منهم إلا القليل الذي حمل فكرهم.

من أسماء الخوارج الحرورية نسبة إلى حروراء مكان قرب الكوفة حينما تجمعوا بها ضد علي - رضي الله عنه - والشراة حينما أدعوا أن شروا أنفسهم أي باعوها لله والمحكمة حينما انكروا التحكيم بين علي وخصومه - رضي الله عنه - وقد تفرقوا لعدة طوائف بقيت منه الإباضية نسبة لعبدالله بن إباض وهي من معتدلي فرق الخوارج.

إذا أردنا أن نحكم على طائفة بأنهم خوارج لابد أن نعرف أولا معتقد الخوارج وصفاتهم.

ما هي صفات الخوارج؟

  • من صفات الخوارج أنهم يتنطعون في الدين فيظهرون من الزهد والتخشع مالم يأذن به الله ففي رواية للبخاري (7562) لحديث أبي سعيد - رضي الله عنه - "مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ أَوْ قَالَ التَّسْبِيدُ" أي أنهم يحلقون شعر الرأس تعبدا في غير النسك.

  • من صفاتهم أن قياداتهم شابة غير راشدة ففي حديث علي - رضي الله عنه - "سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ" رواه البخاري (6930) ومسلم (1066).

  • من صفاتهم الجهل بالعلم الشرعي فلم يعرفوا بالتتلمذ على العلماء العاملين فهم يعتمدون على فهمهم للنصوص دون الرجوع إلى أهل العلم وما ضل من ضل إلا بذلك ففي حديث علي - رضي الله عنه - "يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ" وفي حديث أبي سعيد "يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ" رواه البخاري (5058) ومسلم (1064) فهم يقرأون القرآن ويستدلون به من غير فهم فحفظهم للقرآن مجرد حفظ الألفاظ من غير فقه فيه ومعرفة متشابهه. وهذا معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ".

  • من صفاتهم أن عندهم كثرة عبادة ففي حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - "تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ".

  • من صفاتهم اعتراضهم على العلماء العاملين فقدوتهم ذو الخويصرة التميمي قال "اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ" وخلفه كفروا الصحابة - رضي الله عنه - وطلبوا منهم التوبة من الكفر في حادثة التحكيم.

ما هي معتقدات الخوارج ؟

  • من معتقد الخوارج تكفير أصحاب الكبائر فكفروا بعض الصحابة: قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (4/ 468) النواصب الخوارج المارقون إذ قالوا: إن عثمان وعلي بن أبي طالب ومن معهما كانوا كفارا مرتدين.

  • من معتقدهم أنهم يستحلون دماء المسلمين فينشغلون بالمسلمين عن الكفار ففي حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - "يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ" رواه البخاري (3344) ومسلم (1064) قال الحافظ ابن حجر في الفتح (12/301) الخوارج لما حكموا بكفر من خالفهم استباحوا دماءهم وتركوا أهل الذمة فقالوا نفي لهم بعهدهم وتركوا قتال المشركين واشتغلوا بقتال المسلمين وهذا كله من آثار عبادة الجهال.

  • من معتقدهم تخليد أصحاب الكبائر في النار واستدلوا بنصوص الوعيد كقوله تعالى ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93] وكحديث "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ" رواه البخاري (2475) ومسلم (57) عن أبي هريرة - رضي الله عنه.
    فمن أسباب جهلهم عدم جمعهم بين النصوص أحياناً وحمل النصوص الواردة في الكفار على المسلمين سئل نافع كيف كان رأي بن عمر - رضي الله عنه - في الحرورية قال كان يراهم شرار خلق الله انطلقوا إلى آيات الكفار فجعلوها في المؤمنين صحح إسناده ابن حجر في الفتح (12/286).

  • من معتقدهم أنهم ينكرون بعض السنة بحجة مخالفتها للقرآن أحياناً ولكفر من نقلها من الصحابة - رضي الله عنه - أحياناً فمثلا أنكروا حد الرجم لأن الذي جاء بالقرآن هو الجلد فقط وأنكروا نصاب السرقة فالقرآن أطلق قطع يد السارق وأنكر عامتهم عذاب القبر.

  • من معتقدهم يرون الخروج المسلح على الحاكم الشرعي بسبب المعصية وإن كان متأولا فخرجوا على علي - رضي الله عنه -.

هل كل من خرج على الحاكم يسمى خارجياً؟

الجواب: لا فمعلوم ما حصل من الصحابة كعائشة والزبير وطلحة بين عبيد الله من جهة وعلى - رضي الله عنه - من جهة في موقعة الجمل وكذلك ما حصل من أهل الشام بقيادة معاوية وعمرو بن العاص وأهل العراق بقيادة على - رضي الله عنه - في صفين وكانوا متأولين وحاشهم أن يكونوا من الخوارج.

وكذلك من أنكر المنكرات العلنية على الحاكم لا يسمى خارجياً فقد أنكر الصحابة - رضي الله عنه - في العلن فمثلا أنكر أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - على أمير المدينة مروان بن الحكم في العلن وحاشا الصحابة - رضي الله عنه - أن يكونوا من الخوارج.

فالخارج على الحاكم الشرعي بغير حق يسمى باغياً كما في قول ربنا تبارك وتعالى ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الحجرات: 9] وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "وَيْحَ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ" رواه البخاري (447) ومسلم (2915) وقتل في صفين وكان مع علي - رضي الله عنه - وأهل الشام مع معاوية - رضي الله عنه - هم الفئة الباغية ولا يقدح ذلك فيهم لأنهم متأولون يعتقدون أنهم على الحق قال ابن قدامة في المغني (10/67): البغاة إذا لم يكونوا من أهل البدع ليسوا بفاسقين، وإنَّما هم يخطئون في تأويلهم، والإمام وأهل العدل مصيبون في قتالهم، فهم جميعاً كالمجتهدين من الفقهاء في الأحكام.

يجوز قتال الخوارج ففي حديث علي - رضي الله عنه - "فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" لكن قتالهم ليس على سبيل الوجوب فقد تركهم علي - رضي الله عنه - ولم يقاتلهم حتى استحلوا الدم الحرام.والأمر بقتالهم لأنهم خارجون على الشريعة فيقاتلون ولو لم يخرجوا على الحاكم بخلاف البغاة.

هل الخوارج كفار؟

في الصحيحين من حديث علي وابن عباس وأبي سعيد - رضي الله عنه - "يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ" وقد استدل بهذه الأحاديث من يرى كفر الخوارج والقول الثاني في المسألة وهو الذي عليه الصحابة - رضي الله عنه - عدم كفرهم فلما قاتلوهم لم يسبوا حريمهم ولم يغنموا أموالهم بخلاف فعلهم مع المرتدين كبني حنيفة.

قال شيخ الإسلام في منهاج السنة (5/247):
مما يدل على أن الصحابة لم يكفروا الخوارج أنهم كانوا يصلون خلفهم.

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (12/300):ذهب أكثر أهل الأصول من أهل السنة إلى أن الخوارج فساق وأن حكم الإسلام يجري عليهم لتلفظهم بالشهادتين ومواظبتهم على أركان الإسلام وإنما فسقوا بتكفيرهم المسلمين مستندين إلى تأويل فاسد.

هل فرقة الخوارج موجودة في زماننا؟

جاء في الموسوعة الميسرة للأديان (2/1064) في زماننا هذا لم يعد لفرق الخوارج وجود سوى فرقة الإباضية وتنتشر في سلطنة عمان وجنوب ليبيا وبلاد المغرب العربي وزنجبار كما تتبنى بعض أصولها بعض جماعات الغلو. انتهى.

من يوافق الخوارج في بعض أصولهم لا يكون خارجياً إلا إذا قام به أصل الاعتقاد فمثلاً المعتزلة يوافقون الخوارج في تخليد أهل الكبار في النار وطائفة القرآنيين يوافقون الخوارج في عدم الاحتجاج بالسنة وبعض المعاصرين يدعون لفهم النصوص من غير اعتبار لفهم السلف والبعض يشتغل في القدح في مخالفيه من أهل السنة ويدع أهل البدع والكفار فلا يصح أن نعد هؤلاء ولا هؤلاء من الخوارج.

فلا يعد خارجيا من اتصف بخصلة من خصالهم حتى يقوم به أصل المعتقد كما أن من قامت به خصلة من خصال الشرك والنفاق والكفر لا يسمى مشركا ولا منافقا ولا كافرا حتى يقوم به أصل الشرك والنفاق والكفر.

إخوتي:

المصطلحات الشرعية يجب الوقوف عنده دلالتها ويحرم بسبب نزاع أو خلاف وصف المخالف بوصف شرعي مذموم ليس فيه فهذا من الفجور في الخصومة وهو من صفات المنافقين. فالواجب العدل مع الموافق والمخالف. ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8].

لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :




عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية