أول ليلة في القبر

أول ليلة في القبر

أول ليلة في القبر


حديث عن القبر

القبر أول منازل الآخرة، وعذاب القبر ثبت بنصوص متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد علم الصحابة رضي الله عنهم هذا جيدا. فعن هانئ مولى عثمان رضي الله عنه قال : «كانَ عُثمانُ بنُ عفَّانَ إذا وَقفَ على قَبرٍ يبكي حتَّى يبَلَّ لحيتَهُ ، فقيلَ لَهُ : تذكرُ الجنَّةَ والنَّارَ ، ولا تبكي ، وتَبكي مِن هذا ؟ قالَ : إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، قالَ : إنَّ القبرَ أوَّلُ مَنازلِ الآخرةِ ، فإن نجا منهُ ، فما بعدَهُ أيسرُ منهُ ، وإن لم يَنجُ منهُ ، فما بعدَهُ أشدُّ منهُ قالَ : وقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : ما رأيتُ مَنظرًا قطُّ إلَّا والقَبرُ أفظَعُ منهُ».

وقد بكى منها العلماء، وشكى من هولها الحكماء، وأشفق من مصيرها الأولياء والأتقياء، وعجز عن وصفها الخطباء والشعراء والبلغاء.
والقبر إما روضة من الجنان .. أو حفرة من حفر النيران إن يك خيرا فالذي من بعده .. أفضــل عند ربنا لعبــــــده أو يك شرا فما بعد أشــــد .. ويل لعبد عن سبيل الله صد.

فإذا خلوت في قبرك، ناداك قبرك، وكلمك (كما ذكر القرطبي في تذكرته): أنا بيت الوحدة، أنا بيت الغربة، أنا بيت التراب، أنا بيت الدود. يا ابن آدم ما غرك بي؟! ألم تعلم أني بيت الوحدة؟! ألم تعلم أني بيت الظلمة؟! ألم تعمل أني بيت الفتنة؟ "ويحك يا ابن آدم: أليس قد حذرتني، وحذرت ظلمتي ونتنى ودودي؟ هذا ما أعددت لك فماذا أعددت لي؟!

ضمة القبر

يضيق القبر على العبد ويلتئم عليه التئامًا تختنق منه الأنفاس، وتختلف منه الأضلاع، ويضمه ضمة لا ينجو منها أحد من البشر، صغيرًا أو كبيرًا، صديقًا أو زنديقًا، مؤمنًا أو كافرًا، مطيعًا أو عاصيًا، ولو نجا أحد من هذه الضمة لنجا منها سعد بن معاذ. روى أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن للقبر ضغطة لو كان أحد ناجيًا منها نجا سعد بن معاذ». وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهده سبعون ألف ملك، لقد ضم ضمة ثم فرج عنه». وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو أفلت أحد من ضمة القبر لنجا هذا الصبي».

فتنة القبر

ما يكاد العبد يخرج من هذه الضمة منهكًا متعبًا مرعوبًا، حتى تأتيه الفتنة الكبرى التي هي داهية الدواهي، وعظيمة العظائم، فيتبدى له فتانا القبر، الذين قيل في وصفهما "أسودان أزرقان، أصواتهما كالرعد القاصف، وأبصارهما كالبرق الخاطف، مع كل واحد مرزبة أو مطرقة لو ضُرب بها جبل لصار ترابًا، ولو اجتمع على حملها أهل الأرض لم يقدروا أن يقلوها". فيقعدانك وينتهرانك ويسألانك: من ربك؟ وما دينك؟ من هذا الرجل الذي بعث فيكم؟! فعندئذ ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾]إبراهيم:27[. فاللهم ثبت عند السؤال قلوبنا، وأنطق في ذلك الموقف بالحق ألسنتنا.

عن البراء قال: «كنَّا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في جِنازةٍ، فجلسَ على شَفيرِ القبرِ، فبَكَى، حتَّى بلَّ الثَّرى، ثمَّ قالَ: يا إِخواني لمثلِ هذا فأعِدُّوا».

فمن نظر إلى المقابر وتفكر في أهلها وساكنيها، وفي أعدادها وما أكثرها، وفي أحوالها وأهوالها وما أشدها وأفظعها، وتخيل كم فيها من صاحب خد أسيل، وطرف كحيل، ووجه جميل، كم فيها من صاحب نعمة لم تهنه الأيام، وكم فيها من أصحاب الأموال والأطيان، وأصحاب الجاه والسلطان، وهي مع ذلك لم تجمع أهل النعيم وتترك غيرهم، بل جمعت الغني والفقير، والكبير والصغير، والوزير والحقير، فكل من عليها فان ولا يبقى إلا وجه ربك ذو الجلال والإكرام.

فمن أدرك هذا علم أن الموت الذي تخطانا يوما إلى غيرنا فسوف يأتي اليوم الذي يتخطى غيرنا إلينا ولابد. فهل تفكرنا في هذا اليوم. هل تفكرت في يوم مصرعك، وانتقالك من موضعك، إذ نقلت من سعة إلى ضيق، وخانك الصاحب والرفيق الأخ والصديق، وأخذت من فراشك وغطائك إلى عرر، وغطوك من بعد لين لحافك بتراب ومدر، فيا جامع المال والمجتهد في البينان ليس لك والله من مالك إلا الأكفان، أموالك والله إلى الخراب، وجسمك إلى التراب، فأين ما جمعت من الأموال، هل أنقذك من الأهوال، بل تركته كله لمن لا يحمدك، وقدمت بأوزارك على من لا يعذرك.

فاذكر الموت هاذم اللذات....وتجهز لمصرع سوف يأتيي. فالموت آتٍ لا محالة، والقبر واقع لا دعابة، والمهبط إما جنة وإما نار. فيا إخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا.

المصدر : إسلام ويب ( منقول للفائدة بتصرف)
لا تنس ذكر الله
سبحان الله
0 / 100

إقرأ المزيد :



عدد الزوار :
Loading...
شارك على مسنجر مكتبتي الاسلامية
Masba7a أضف إلى الشاشة الرئيسية